كانت جريدة السبيل هي أول منبر إعلامي ينتقل إلى طنجة من أجل الوقوف على ملابسات قضية توقيف تلميذات الثانوية الإعدادية ابن سينا، ومنعهن من التمدرس بسبب حجابهن، وقد انتقلت قصد تغطية الحدث ونقل تفاصيله وآراء أطرافه للرأي العام.
وهكذا استمعت لخمس تلميذات، اتهمن مدير المؤسسة بالإقدام على منعهن من الدخول بعد نهاية عطلة الأسدس الثاني مباشرة، بسبب الحجاب الذي يرتدينه، وهو ما دفع بفعاليات من ساكنة بني مكادة وآباء وأولياء التلاميذ إلى رفع شكاية لدى النائب الإقليمي لوزارة التربية الوطنية تضمنت عريضة استنكارية ضد مدير المؤسسة.
وكانت التلميذة يسرى ميمون تعرضت لنفس المضايقات منذ شهرين، وانقطعت عن الدراسة بسبب المضايقات المتكررة للمدير، كما أن عددا من التلميذات أرغمهن المدير على التخلي عن حجابهن بشهادته هو، فقد صرح أن الظاهرة كانت متفشية في صفوف حوالي ست عشرة تلميذة، وأنه استطاع علاجها. وهكذا تكون حصيلة إنجازات المدير إرغام حوالي ثلاث عشرة تلميذة على التخلي عن حجابهن، وإرغام تلميذة على التخلي عن دراستها بعدما رفضت التخلي عن حجابها، وتوقيف أربع تلميذات أخريات.
وأوضحت التلميذات المتضررات، وهُنّ فاطمة الزهراء أعبيد؛ ونسرين عمران؛ وأسماء القزايمي؛ وفردوس نميري، أنه تم توقيفهن وطردهن من طرف مدير الثانوية الإعدادية ابن سينا بطنجة، بسبب الحجاب الذي يرتدِينَه، إضافة إلى نعتهِنّ بالإرهابيات ومثيرات الفوضى، وهو ما تسبب لهن في ضياع حصص دراسية مهمة وامتحانات دورية.
وأكدت إحدى التلميذات أن مطلبهن يتمثل حاليا في استرجاع حقهن في الدخول إلى المؤسسة لمتابعة الدراسة، “من حقنا أن ندرس ونحن نمتلك حرية اللباس”، فيما قالت أخرى إن رجل الحراسة لم يدع لهن المجال للدخول من باب المؤسسة بداعي أوامر الإدارة.
رفض انصياع الفتيات لمطلب حارس بوابة المؤسسة دفع الأخير إلى تعنيف إحدى التلميذات ونزع حجابها، وفقا لرواية التلميذات.
وقد أنكر عزيز البقالي، حارس بوابة المؤسسة، تهمة نزع الحجاب وتعنيف التلميذات، لكنه اعترف بمنعهن من دخول المؤسسة.
أما مدير الثانوية الإعدادية ابن سينا بطنجة، نور الدين المنصوري، فنفى في تصريح صحفي إقدامه على توقيف التلميذات، موضحا أن الأمر يتعلق بتطبيق قرار مجلس تدبير المؤسسة بشكل صارم. وأضاف المدير أن التلميذات أخلَلْنَ الالتزام بالنظام الداخلي المذكور، الذي يفيد أن من بين مواصفات زيّ الإناث “ألا ينزل غطاء الرأس على الكتف أو الصدر”، وهو قرار، يقول المدير، تمّ اتخاذه خلال انعقاد مجلس تدبير المؤسسة بحضور مُمثلِين عن الإدارة والأساتذة وكذا جمعية آباء وأولياء التلاميذ، وهو الأمر الذي نفته مصادر أخرى للسبيل.
وترُدّ فاطمة الزهراء أعبيد، إحدى التلميذات المتضررات من قرار المنع، بالقول إن النظام الداخلي الجديد والمُعمّم على أرجاء المؤسسة لم يذكر بالحرف طول أو عرض أو شكل غطاء الرأس، “بل توقف فقط عند لونه الأزرق أو الأبيض”.
وكان عدد كبير من الأطر التربوية نساء ورجالا قد هددوا بمغادرة الأقسام الدراسية إذا لم يتم السماح للتلميذات “الممنوعات” باستئناف الدراسة بالزي الذي اخترنه خاصة أنه يستجيب مع ما ينص عليه القانون الداخلي لمؤسسة ابن سينا.
وبعد دخول جمعيتي الأمنية والكرامة على الخط وتنظيم وقفات احتجاجية أمام المؤسسة، تراجع المدير عن قراره، وحاول التنصل من مواقفه السابقة مدعيا أن الأمر يتعلق برفض التلميذات لبس الوزرة البيضاء، وليس بسبب الحجاب، وقد تدخلت النيابة الإقليمية للتربية الوطنية بطنجة أصيلة، ببيان نفت فيه أن تكون إدارة المؤسسة التعليمية قد منعت متابعة تلميذات من الدراسة بسبب الحجاب.
وقال البيان أن المؤسسة: “لم تطلب من التلميذات سوى ارتداء الوزرة فوق لباسهن كباقي التلميذات”، موضحة أن الأمر “لا يعدو أن يكون تطبيقا لفحوى القانون الداخلي للمؤسسة فيما يخص توحيد اللباس المدرسي للفئتين الإناث والذكور، مساندة رواية المدير وهو الأمر الذي تفنده شهادات المتضررات، وتصريحاتهن في التغطية المصورة التي أنجزتها السبيل، بل تصريحات المدير، الذي يصر على طول وقصر الحجاب، بتفصيل وتدقيق عجيب، وشهادته في التغطية المصورة تؤكد عكس ما ذهبت إليه نيابة التعليم.
ونشير إلى أن التغطية حققت نسب مشاهدات قياسية، ما حقق ضغطا إعلاميا كبيرا، دفع بالمدير إلى البحث عن مخرج مشرف من المأزق الذي أوقع نفسه فيه.