الغزو الفرنسي بين سندان حرب الألمان ومطرقة المقاومة المغربية ذ. إدريس كرم

نقدم فيما يلي ثلاث رسائل مختلفة في زمن واحد، واحدة تستجدي فيه الحماية عودة الجنود المغاربة الفارين من الخدمة المخزنية برئاسة سلطات الحماية، وذلك لإرسالهم لجبهة القتال ضد ألمانيا، ورسالتان يطلب فيهما كاتباهما من قادة قبيلة غياتة وقبيلة البرانس الالتحاق بهما لمناهضة الاحتلال الفرنسي.

1- نداء للجنود الفارين من الخدمة العسكرية المخزنية لتجنيدهم في الحرب العالمية الأولى

الرسالة التي نقدمها تكشف أن مقاومة الغزو الفرنسي بعد توقيع الحماية استفادت من الجنود المخزنيين الذين فروا من الطوابير العسكرية المخزنية بعد توقيع الحماية ورفضهم الدخول تحت النظام العسكري الفرنسي، وكذلك من فيالق المجندين في الكوم أو المخزن المكمل الذي كان يعتمد عليه في ضبط الحدود بين القوات الغازية والقبائل العاصية.

نص الرسالة:

“الحمد لله وحده وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.

محبنا خديم سيدنا الأعز الأرضى القايد ولد بركات السباعي، سلام عليك ورحمة الله عن خير سيدنا أيده الله، وبعد:

فقد علمت ما كان من توجيه بعض الجنود المخزنية بالأمر الشريف أسماه الله إلى بلاد فرنسا لتشرك في الحرب الواقعة هناك، وما ظهر منها من الآثار الحسنة في ساحة القتال مع الجنود الفرانسوية والنجليزية التي تعود على هذه الإيالة بالفخر والشرف.

وبمقتضى ذلك ظهر لجناب المقيم العام بعد الاتفاق مع جناب المخزن الشريف أن يسدل رداء الأمان على كافة العسكر الذين كانوا هربوا سابقا من الخدمة العسكرية في حوادث فاس (1912) وغيرها، على أن هؤلاء الفارين لا يبحث عنهم بقصد إجراء الزجر عليهم بل إن أرادوا الرجوع إلى الخدمة العسكرية فلهم ذلك، لأن المخزن الشريف يريد الآن تجنيد كل من يروم الدخول في الخدمة المذكورة، سيما والجنود المظفرة ذهب أكثرها لساحة القتال.

وعليه فلتقم عن الأمر الشريف على ساق الجد والاجتهاد في تمهيد أسباب التجنيد لمن يكلف به من لدن المخزن الشريف والدولة الحامية من الحَرَّابة ذوي الخبرة بذلك من غير تراخ ولا تقصير.

أعان الله الجميع على القيام بواجب الخدمة الشريفة وعلى المحبة والسلام

في 26 شوال الأبرك عام 1332/1914؛ محمد الجباص”.

2- دعوة الشنكيطي لقبيلة غياتة للالتحاق بالمقاومة

تقديم

يعتبر الشنكيطي من الشخصيات التي حاربت الفرنسيين في أعالي وادي سبو وأحواز تازا إما منفردا أو مجتمعا مع الشريف الحجامي والأمير عبد المالك قبيل الحرب العالمية الأولى وأثناءها، وقد تحدثنا عنه فيما أوردناه في تحركات قوات الغزو الفرنسي لتهدئة قبائل الغرب والبرانس وغياتة فانظره في محله، وهذه رسالة من رسائله لإنهاض قبيلة غياتة للمقاومة.

وفيما يلي نص الرسالة التي بعث بها الشنكيطي من تازا لقبيلة غياتة:

“الحمد لله وحده، الذي صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، أسنى السلام المشروع في الإسلام، النائي عن المذمة والملام، وفخاري من النخبة والإكرام.

إلى قبيلة غياتة عموما، وخصوصا أهل العقد والتدبير والعلم والرأي والتيسير، كافة بني بقيطون وأعيانهم، وبني وجان وأعيانهم، وامتركان وأعيانهم، وبني بيحمد وأعيانهم، وسلام عليكم ورحمة الرحمان ومعاداة الشيطان وأتباع القرآن؛ أما بعد:

فإنا كنا نظن أن قبيلتكم هذه كانت ضد الملوك، وتقود القبائل إلى كل أمر مهم، فإذا به أصبحت كأهل القبور لا خبر ولا أثر، وهذا كله من مخالفتكم لمن يسعى لكم في ربح الدنيا والآخرة، ووقوفكم مع الذي ضره لكم أقرب من نفعه.

والآن إذا كنتم معنا على عهد الله ورسوله تسندوا العضد مع الإسلام في هذه الساعة أمام العدو فنعلمكم أننا شددنا عليه وضيقنا عليه وربطنا عليه بمحلة عظيمة وهزمناه مرة بعد مرة.

والآن نأمركم أن تنشبوه من جهتكم وترابطوا في بولجراف كما كنتم أول مرة لتصلح بلادكم ويجتمع شملكم ويجعل الله رحمته في قلوبكم وتكونوا على الدين متعاونين.

وإذا أحببتم أن تجعلوا منكم خصوصا يقدمون عندنا فلا بأس، ونخبركم أن العدو هرب من جهتنا، وبلغنا أنه يجتمع بأمس مع من يريد أن يرهبكم، وهذه عادته مع البلد الذي خرجنا منه ليملكه بالخدع والكذب والسياسة والطمع لعنه الله ولعن من يثق به أو يقبل منه صرفا أو عدلا، ولو يتكاذب معه لنجده، لأن الكذب معه ما فيه للمسلمين إلا الضرر ولاسيما من يميل إليه.

فمن صدق بأمر من النصارى فقد كذب الله والرسول، ومن كذب الله والرسول فالنار أولى به، إنا لله عائدون وهو حسبنا ونعم الوكيل، وعلى محبتكم والسلام.

وأخبرونا بكل أمر، ولا تستهزئوا بأصحابنا لألا ينقطع الخبر بيننا، وبه الإعلام والسلام.

وبه كتبنا في 16 جمادى الأولى عام 1332 هجرية” (“إفريقيا الفرنسية”؛ ص:262؛ 1914).

3- رسالة من روكي فشتاله للقائد أحمد أبقاش على البرانس

هذه رسالة من روكي فشتاله للقائد أحمد أبقاش على البرانس، وهذا نصها:

“الحمد لله وحده وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله.

حفظ الله بمنه القائد أحمد أبقاش، سلام عليكم ورحمة الله.

وجهنا كتابنا هذا، تقدم لحضرتنا في أمان الله ورسوله ولا تشغل نفسك واترك الوساوس عنك، وكن عند الظن بك، واقدم عزما من غير تراخ ولا إمهال فإنك عندي صديق، فإن موضعك ليس لغيرك، وقال تعالى: “وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا“.

فكن ممن يسمع ويطيع ولا تكن ممن يسمع ولا يطيع، والسلام.

في الثاني من جمادى الأولى عام 1332” (“إفريقيا الفرنسية”؛ ص262: 1914).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *