تلبية لنداءات التضامن والتكافل والواجب الاجتماعي، تنظم مجموعة من الفعاليات الجمعوية حملاتها لدعم ومساعدة من يعانون من البرد القارس، من خلال تقديم مساعدات تهم بالخصوص المواد الغذائية والأغطية والملابس، وأخص بالذكر هنا جمعويين “سلفيين”، والغرض من ذلك نفي تهمة أن السلفيين لا يهتمون بدنيا الناس وحاجياتهم ومعاناتهم، وهو ما يدحضه الواقع ويكذبه العمل، وإليكم هذه النماذج من باب التمثيل لا الحصر:
حملة “دفء.. معا لتأمين الدفء لإخواننا”
تحت شعار “حملة دفء.. معا لتأمين الدفء لإخواننا”، نظمت “جمعية عائلتي للتنمية” بمدينة سلا حملة لجمع ملابس الشتاء والأغطية وتوزيعها على المحتاجين، وهي دعوة وجهها القائمون على الجمعية لذوي الفضل حسب ما جاء في الإعلان الدعائي للجمعية: “في فصل الشتاء البارد والماطر ندعوك للمشاركة معنا في الأجر من خلال جمع وتوزيع ملابس الشتاء على الأسر المحتاجة”.
و”نقدم من خلال هذه الحملة:
– ملابس شتوية للصغار والكبار؛ مستعملة أو جديدة.
– أغطية وبطانيات”.
وذلك عملا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه: “صنائع المعروف تقي مصارع السوء، والصدقة خفيا تطفئ غضب الرب، وصلة الرحم تزيد في العمر، وكل معروف صدقة، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة” رواه الطبراني وصححه الألباني.
حملة “لننعم جميعا بالدفء”
بالتنسيق مع السيد محمد الكروشني رئيس جمعية “أطلس خيط وألوان” بإتزر، قام مجموعة من شبيبة دور القرآن من مدينة الرباط والدار البيضاء وسلا وبعض أصدقائهم بتنظيم قافلة مساعدات إلى جماعة إتزر التابعة لإقليم ميدلت؛ التي تعاني تهميشا خطيرا يزداد صعوبة مع الهشاشة التي تعاني منها الساكنة وعدم استفادتهم من مداخيل موارد وثروات الجماعة التي تعتبر غابة الأرز أهمها، إضافة إلى ضعف البنية التحتية وشح المؤسسات الضرورية..
يقول أحد المشاركين في القافلة: “نظرا لأننا قمنا بقافلة مساعدات فبراير هذا العام فقد علمنا أن حاجة الساكنة تفوق التصور، ولذلك كان التنسيق مسبقا مع رئيس جمعية أطلس على أن يقوم بإحصاء أكثر الأسر حاجة وأن يزودنا حال وصولنا بلوائح لهذه الأسر..
لكن حين وصولنا تفاجأنا بتواجد أعداد كبيرة من الأسر الأخرى التي تريد الاستفادة من المساعدات، ولذلك قرر القيمون أن تستفيد الأسر الأكثر حاجة من مساعدتها كاملة؛ والتي كانت على الشكل التالي:
– 40 أسرة تنتمي للقصر القديم والآيل للسقوط.
– 15 أسرة منكوبة اتخذت محلات السوق مسكنا لها، وهي تعيش ظروفا مأساوية..
– 30 أسرة في قرية آيت الحاج التي تبعد عن إتزر بحوالي 6 كيلومترات.
أما الأسر التي توافدت وبشكل كبير فقد تجاوزت 100 أسرة، وكان الحل بالنسبة للقيمين على القافلة أن تشرك أسرتان في مئونة واحدة، تمثلت في مواد غذائية أساسية، وقطاني، ومواد التنظيف..
ومن روائع هذه القافلة التضامنية أن رافقتها مع الشاحنة والسيارة كبيرة الحجم المحملين بالمساعدات؛ سيارة من الحجم المتوسط يشرف عليها ثلاثة شبان محملة بملابس الأطفال الصغار؛ خصوصا الجوارب والقبعات والقفازات وأنواع مختلفة من الحلوى، وقد كان هؤلاء الشباب في أي محطة من محطات المساعدة يتحلق عليهم الأطفال الصغار فيعطونهم نصيبهم من هذه المساعدات، كما يقومون بتنشيطهم من خلال ترداد الأناشيد وبعض الأذكار، وهو ما أدخل عليهم الفرحة والبهجة، وهم الصغار الذين لو استمعت حكيهم للمعاناة التي يعيشونها لقلت أن المغرب يملك أطفالا خطباء ومفوهين صنعتهم الظروف الصعبة التي يعيشونها..
هذه الحملة لها محطة أخرى إذ ستحط رحالها بإذن الله يومي 26 و27 يناير 2013م بدواوير: “تيزي نوشك”، و”أنمر”، و”آيت مركن”، و”أكرد”، و”تاكنيت”، و”إزحان”؛ التابعة لجماعة ستي فاطمة (أوريكا)..
حملة “البرد القارس”
في إطار حملة “البرد القارس” في نسختها الثالثة، وبعد نجاح النسخ السابقة بفضل الله تعالى كانت أول وجهة في هذا العام لجمعية منتدى الشروق بشراكة مع جمعية الرعاية بمدينة مراكش: دوار أمنزال بالأطلس الكبير؛ وقد نظمت هذه الحملة يومي السبت والأحد 29-30 دجنبر 2012م.
واستفادت منها 50 عائلة تتكون من 350 شخصا، والمساعدات عبارة عن قفة مملوءة بالمواد الأساسية من زيت، وسكر، وشاي، وقطاني منوعة، ودقيق، بالإضافة إلى الأغطية التي تزداد الحاجة إليها في هذه الشهور الباردة، وبالإضافة إلى ملابس وقفازات وقبعات..
ويقع دوار أمنزال بجبال الأطلس الكبير داخل تراب جماعة ستي فاطمة، ويتطلب الوصول إليه من 5 إلى 6 ساعات مشيا على الأقدام، في مسالك وعرة، حيث لا طريق معبدة، ولا مستوصف ولا كهرباء ولا شبكة الهاتف المحمول، عزلة تامة عن المحيط الخارجي..؛ فأطفال دوار أمنزال؛ منهم من لم ير سيارة قط! ومنهم من يعتبر العالم كله جبال وثلوج، وليس فيه هضاب ولا سهول..
وفي الختام
هؤلاء القميين والمنتمين لهذه الجمعيات والقوافل الإنسانية لا يرجون من ذلك ربحا سياسيا، ولا صيتا انتخابيا، ولا منفعة دنيوية ولا جاها ولا مالا، وإنما يحركهم للقيام بهذه المبادرات البذل والإحسان؛ وحبّ الخير لإخوانهم، ومساعدتهم لأهلهم الذين ناءت بهم الأرض، وأرهقتهم الحاجة والفاقة، مستحضرين في ذلك نصوص القرآن والسنة التي تحثهم وتشجعهم على تفريج الكرب على إخوانهم والسعي لبذل الخير والمعروف.
فقد قال الحق سبحانه وتعالى: “وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ”، وقال جلّ في علاه: “وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ”.
وقال عليه الصلاة والسلام: “من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر، يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما، ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد، ما كان العبد في عون أخيه” رواه مسلم.
وقال العلامة جمال الدين القاسمي رحمه الله: “الوقت الذي تمضيه في أداء الواجبات الاجتماعية ليس بوقت ضائع لأن حبّ الغير ومعاونته والعمل على نشر العلم وتقليل وطأة الفاقة كلها دلائل السعادة”.
وقال كذلك: “احرص على سعادة غيرك فإن اجتهادك في إسعاد غيرك إسعاد لنفسك، وقصر جهدك على إسعادك لنفسك إشقاء لها، وذلك لأنه إذا سعى كلٌّ في نفع غيره توفر النفع للجميع، وإذا سعى كل لمجرد نفع نفسه أضر بغيره فتوفر الضرر للجميع” (جوامع الآداب في أخلاق الأنجاب، ص:16).