كيف يمضي الصيف في المغرب؟ إبراهيم بيدون

وهب الله عز وجل بلدنا المغرب امتدادا ساحليا يبلغ حوالي 3400 كلم، حيث يطل المغرب من جهة الشمال على بحر الأبيض المتوسط، ومن جهة الغرب على المحيط الأطلسي، وهو ما يتيح للمغاربة فرص الاستجمام والاستحمام والتمتع بالسباحة ويتيح إمكانية إنشاء مصطفات كثيرة، تتعدد فيها الأنشطة ويمكن جعلها مناسبة لبناء الذات عبر البرامج الهادفة، وكذا صقل المواهب، فضلا عن أنها مرتع الفسحة والاستراحة من تعب العمل وكدِّ الدراسة النظامية.

لكن طغيان المنهج الغربي في انسلاخ الحرية الفردية من قيود الشرع يجعل فصل الصيف مستنقعا كبيرا تطغى فيه الرذيلة على الفضيلة، وتسيطر مظاهر التفسخ على مظاهر العفة والحياء، ويستبدل العري بالحجاب، وأشد مظاهر الانحلال الخلقي هي التي تشهدها الشواطئ ومراكز الاصطياف حيث يصبح فصل الصيف مناسبة يتنصل فيها أغلب المستفيدين من أماكن الاصطياف من كل القيود الشرعية الضابطة للحياء والأخلاق، ويتخذ ذلك صورا ومظاهر عدة:
1- انتشار العري والتبرج
مع دخول فصل الصيف تتنافس محلات بيع الملابس خصوصا النسائية في استيراد وعرض أحدث “موضات” الأزياء الغربية الفاضحة، فتنتشر الملابس العارية التي تحجم عن غالب عورة المرأة، ومع توالي المواسم الصيفية يزداد تجرؤ النساء على كشف أجسادهن بسبب تأثير الإعلام وهيمنة الثقافة الغربية على وسائله التي أصبحت تحارب العفة والحجاب وتدعو في المقابل لمثل هذه الملابس، لذا أصبح في مجتمعنا الكثير من الرجال والنساء الذين لا يرون حرجاً في أن ترتدي المرأة في الشارع اللباس الذي تريده مهما بلغ من العري، بحجة أن المغرب بلد الانفتاح وأن اللباس حرية شخصية.
إن التطور الحاصل على مستوى اللباس لا يعكس تقدما ولا تنورا لا في المغرب ولا في الغرب بقدر ما هو ثورة على القيم والآداب والأخلاق، وانعكاسا للثقافة البهيمية (أقمصة حمار وبخير مثالا) التي تطغى على العقل الذي يصبح أسير الشهوة واللذة.
2- عري فاضح الشواطئ المغربية
إن الزائر للشواطئ المغربية يجد نفسه بين أجساد بشرية عارية إلا من قطعتي ثوب صغيرتين هي عبارة عن حمالة صدر لا تغطي إلا رؤوس الثديين وتبان لا يغطي إلا القبل والدبر، وقد تُمعِن بعضهن في التهتك فينزعن القطعة العلوية حتى يستفيد ما دونها من أشعة الشمس، وكذلك غالب الذكران يكشفون عن عوراتهم ويكتفون بتغطية السوءتين فقط، فلا تكاد تجد فيهم رجلا رشيدا أو امرأة عاقلة، أنساهم التلذذ بزرقة الماء ونعومة الأجساد فحش المنظر ودياثة الفعل ورقابة رب العالمين.
3- إقامة المهرجانات والعروض الموسيقية في شتى أنحاء المغرب
انتهج المصلحون الجدد بعد 16 ماي التكثير من إقامة المهرجانات الموسيقية وتبذير الأموال الطائلة عليها وجلب مغنيي ومغنيات الإثارة والموسيقى الصاخبة لإمتاع الشعب الذي يعاني من معضلات مادية ومعنوية جراء الفقر والبطالة وغلاء المعيشة والجهل وانعدام الخدمات الصحية وانتشار الظواهر الكارثية في النسيج الاجتماعي.
لقد كثرت المهرجانات في بلادنا حتى صار من العنت معرفة أسمائها وأمكنتها ومواقيتها، فالمغرب دولة المهرجانات بامتياز ولعله في القريب العاجل سيصير قائد النهضة الفنية في العالم بفضل نكران الذات (الاقتصاد، المجتمع، الصحة، التعليم..) والتضحية من أجل خدمة الفن في العالم.
ففاس صاحبة الموسيقى الروحية، والبيضاء تنشط فيها الموسيقى الشيطانية (البولفار)، والرباط مرتع مغنيات وفرق الإثارة الجنسية (موازين)، والصويرة لمحبي الموسيقة “الكناوية”، والداخلة وكلميم لمحبي الموسيقة الصحراوية، وفي مقبرة شالة الموسيقى الجازية (توجد مهرجانات أخرى لأنواع أخرى من الموسيقى)، وطنجة وتطوان ووارززات مدن الفن السابع، ومراكش مرتع كل باحث عن الشهوة جائع (زان أو شاذ)، ومثلها في المنكر أكادير، ومكناس صارت معلمة كل سكير، فأين يقع مغربنا الفقير، إنه تدحرج إلى أسفل السلم حيث يحتل المرتبة 126 في سلم التنمية، لأن العبرة ليس بكثرة المهرجانات بل بما قدمت الدولة لرعاياها من خدمات، ويحمل ذلك على عاتقه من هو أهل لتولي الأمانات..
إن هذه المهرجانات التي انتشرت في ربوع المملكة المغربية هي في الحقيقة كسرب جراد ينهش الذوق الرفيع والفطرة السليمة، ويجفف منابع القيم والأخلاق، ويجعل المواهب قاعا صفصفا إلا من تمثيل آفن، أو غناء ماجن، أو لذة تهدم كيان الأمة حتى إذا نادى منادي الإيمان وجد القوم بين لاه وسكران، وبائعة هوى ومجموعة قيان.
4- انتشار الخمور والمخدرات والزنا والشذوذ خصوصا في الشواطئ (مراكز الاصطياف)
ومن المظاهر التي تكثر في فصل الصيف انتشار الخمور والمخدرات والزنا والشذوذ خصوصا في الشواطئ ومراكز الاصطياف، ولا ينازع في انتشار هذه الممارسات إلا جاهل أو جاحد فالتمتع بالنظر في الأجساد العارية، لا يمكن إلا أن يخلف البحث عن تفريغ الكبت المولد من ذلك، وهو ما يروج سوق العاهرات -بل وفي ذلك تزل قدم العفيفات، لأن كثرة المساس تذهب الإحساس كما قيل-، حيث تنتشر الزنا في مراكز الاصطياف بشكل ملفت لانعدام المراقبة والوازع الديني عند المصطافين.
وعند مجلس الزنا لا بد وأن تتعفن الموائد بالخمور، وتخبث الأجواء بدخان الشيشة والمخدرات، وكم يزيد الشبق سبق رقص ماجن على ألحان العروض الموسيقية التي تغزو رمال الشواطئ في فصل الصيف الساخن.
فهذا نزر قليل من فيض كثير مما تجود به قطاعات صناعة اللذة في المغرب والتي تدر على من يملكها ملايين من الدراهم سنويا، يكون مقابلها المزيد من التفسخ والانحطاط والتبعية للغرب، ويعلم القائمون على الأمن والعدل معدلات جرائم القتل والاغتصاب والاعتداءات الجسدية المتعلقة بالخمر والزنا والشذوذ خاصة في الصيف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *