-1تستهدفون بقوة في كتابتاكم وأبحاثكم التطرف والفكر الظلامي..؛ ولم يخرج مؤلفكم الأخير المعنون بـ: “عن تدبير الشأن الديني والتطرف” عن هذا الإطار، فلماذا تركزون في أبحاثكم على حاملي هذا الفكر بالذات؟
أقول باختصار: إن كل كتاب من كتبي يحمل هما دينيا وفكريا وثقافيا تترجمه أهداف مخططة عندي باهتمام بالغ وبعناية فائقة. ولا أريد الدخول هنا في التفاصيل. لكنني أشير إلى أن مؤلفي الأخير، يكتسي صبغة مواجهة ومجادلة ومحاورة ومساءلة موجهة مباشرة إلى القيمين على تنظيم الدين وتدبير شأنه.
والدين في مؤلفي الأخير غير منحصر فيما يجري داخل الزوايا وباحات الأضرحة على اعتبار كونهما عشين للفكر الظلامي، وإنما يغطي مجموع المسمى بثوابت الأمة المغربية: المذهب المالكي، وعقيدة الأشعري، وطريقة الجنيد في السلوك الصوفي. مما يعني أنني لم أركز في كتابي الأخير على الفكر الظلامي كما ورد في سؤالكم، ومما يعني أن للكتاب أهدافا غير أهداف الكتب التي صدرت لي قبله.
-2رغم موقف الحداثيين والعلمانيين الواضح من التدين والدين، إلا أننا لا نرى أو نسمع أو نقرأ لهم موقفا من خرافات وضلالات الأضرحة والزوايا والمواسم، والتسليم والانقياد لمشايخ الطرق، في نظركم ما دواعي ودوافع ذلك؟
سؤالكم الثاني يشير إلى مفهومين: الحداثيين والعلمانيين. فالحداثيون صفة من منظوري الشخصي لا تنطبق على مسمى العلمانيين وحدهم في الساحة الفكرية والدينية والسياسية والأدبية. فما لنا غير قراءة تاريخنا لنقف على الحداثة أو الجدة المستمرة في شتى الميادين المادية والمعنوية.
أما العلمانيون فحول المحور الفلسفي لليبرالية يدورون. إنه فصل الدين عن الدولة لكونه في نظرهم غير مناسب لتسيير الشؤون العامة في عصرنا الحالي. والمغالون منهم يرونه غير صالح تماما في أي عصر من العصور! إلى حد عنده يصفونه بالفكر الظلامي! أما المعتدلون منهم فيقبلون به في حدود، دون أن يروا أي بأس في إبعاده عن الساحة السياسية جملة وتفصيلا!
-3في كل مرة تطالعنا بعض الجهات الرسمية بالحديث عن الخصوصية المغربية والإسلام المغربي، كيف تفهمون هذا الإسلام المسمى مغربيا؟ وما هي صفاته ومواصفاته؟
الإجابة على السؤال الثالث يتضمنها مبحث من كتابي الأخير عنوانه: “ما هو الدين الذي يجري تدبير شأنه؟”؛ إنه ينحصر فيما سماه الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى بثوابت الأمة المشار إليها قبله. وهي عنده ثالوث يشكل الخصوصية المغربية أو مسمى الإسلام المغربي!
هذا الأخير الذي نجده خليطا من الحق والباطل! من السني والبدعي! والذي يحاول العلماء تحت ضغوط وتحت إكراهات فرضه على الأمة من خلال الوعظ والإرشاد، وخطب الجمعة، وعبر الإذاعات والقنوات الأرضية والفضائية.
فكان من باب المنطق عندي أن أناقشه في الكتاب الأخير الذي ينصب عليه كموضوع، من حق المغاربة أن يقفوا على صورته الحقيقية الغائبة؛ وعلى صورته المشوهة الحاضرة!!!