– قوله تعالى: {فإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيراً} (الآية:7).
يعتقد البعض أن {الآخرة} في هذه الآية هي يوم القيامة، ولكن عند ضمها للآية التي قبلها يتضح أنها موعد الإفساد الثاني لبني إسرائيل، بعدما قال الله عز وجل: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً}.
فـ{الآخرة} هي المرة الثانية.
قال ابن كثير: «قوله: {فإذا جاء وعد الآخرة} أي: الكَرّة الآخرة، أي إذا أفسدتم الكرة الثانية وجاء أعداؤكم ليسوؤوا وجوهكم».
قال الطبري: «وقوله: {فإذا جاء وعد الآخرة} يقول: فإذا جاء وعد المرة الآخرة من مرّتَي إفسادكم يا بني إسرائيل في الأرض».
– قوله تعالى: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً} (الآية:16).
الإشكال وقع في فهم كلمة {أمرنا} لتختلف آراء المفسرين تبعا لذلك:
فقد قيل أن هذا الأمر على حقيقته أي أنه أمر كوني قدري.
وقيل: {أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا} بطاعة الله، فعصوا فاستحقوا بذلك العذاب.
وقيل سلطنا أشرارها فعصوا فيها.
وقيل جعلناهم أمراء ففسقوا فيها.
ولعل الأسلم ما ذهب إليه حبر هذه الأمة عبد الله ابن عباس، وعكرمة والحسن والضحاك وقتادة، في أن معنى {أمرنا} كَثَّرنا، وقد روي نحوه عن مالك عن الزهري.
فالعرب تقول للشيء الكثير «أمِر» لكثرته، وتقول أمِر بنو فلان إذا كَثُرُوا.
قال أبو عبيدة: أمرنا بمعنى أكثرنا، لغة فصيحة كآمرنا بالمد.
يعضد ذلك قوله تعالى في سورة الكهف: {فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً} (الآية:71).
قال الطبري في قوله {إِمْراً}: «لقد جئت شيئا عظيما، وفعلت فعلا مُنكرا»، وقال: «وكان بعض أهل العلم بكلام العرب يقول: أصله: كل شيء شديد كثير، ويقول منه: قيل للقوم: قد أمِروا: إذا كثروا واشتدّ أمرهم، قال: والمصدر منه: الأمَرَ، والاسم: الإمْر».
وقد قيل خير مال المرء مهرة مأمورة أو سكة مأبورة؛ مأمورة: أي كثيرة النسل.
– قوله تعالى: {آتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُواْ بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفاً} (الآية:59).
{مبصرة} تبصرة وآية بينة وليست من الإبصار.
قال البغوي: «{وآتينا ثمود الناقة مبصرة} مضيئة بينة».
وقال ابن عطية: «وقوله {مبصرة} على جهة النسب أي معها إبصار، كما قال: {آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً} [الإسراء: 12] أي معها إبصار ممن ينظر، وهذا عبارة عن بيان أمرها، ووضوح إعجازها».
قال ابن الجوزي: «قوله تعالى: {وآتينا ثمود الناقة مبصرة} قال ابن قتيبة: أي: بينة، يريد: مبصرا بها».
قال القرطبي: «{وآتينا ثمود الناقة مبصرة} أي: آية دالة مضيئة نيرة على صدق صالح، وعلى قدرة الله تعالى».
قال العلامة محمد الأمين الشنقيطي: «بين جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أنه آتى ثمود الناقة في حال كونها آية مبصرة، أي: بينة تجعلهم يبصرون الحق واضحا لا لبس فيه».