من الظلمات إلى النور (12)
نعرض في هذه السلسلة قصصا مؤثرة لأناس عاشوا فترة من أعمارهم بعيدين عن ربهم، تائهين عن طريق الهدى، تتقاذفهم أمواج متلاطمة من الشهوات والشبهات، قبل أن يتسلل نور الإيمان إلى قلوبهم، ليقلب بؤسهم نعيما، وشقاءهم سعادة..
إنه نور توحيد رب العالمين، إنه قوت القلوب وغذاء الأرواح وبهجة النفوس
«إميلي فرنسوا» هي ممثلة وصحفية بريطانية من أصول فرنسية، من مواليد 1983، عملت في التمثيل وهي طفلة في سن الثانية عشرة، وقد اكتسبت شهرة كبيرة في مدة وجيزة، حيث أدت أدوارا إلى جانب «كيت وينسلت» و«إيما تومبسون» وغيرهما من مشاهير هوليود، لكنها وبعد بحث واسع حول الأديان والمعتقدات، في إطار دراستها عندما كانت طالبة في جامعة «كامبريدج» تدرس اللغة العربية، قررت اعتناق الإسلام سنة 2003.
وقد كان لهجمات 11 شتنبر سنة 2001، والجدل الذي أعقب الأحداث حول الإسلام والمسلمين، بالغ الأثر في تحفيز إميلي للخوض بعمق في معرفة هذا الدين، حيث تأثرت كثيرا بشخصية رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام، ووقفت طويلا عند سيرته التي تؤكد لكل منصف أنه كان يدعو إلى السلام والتسامح ونصرة الحق، بخلاف ما يشيعه عنه المستشرقون الحاقدون والإعلام الغربي الكاذب.
إميلي اختارت بعد إسلامها اسم مريم، فقد أعجبها التقدير والاحترام الكبيران اللذان يوليهما الإسلام للعذراء مريم ولابنها عليهما السلام، بعد أن قرأت في القرآن الكريم آيات كثيرة تمجدهما وتنفي كل الأباطيل التي يفتريها اليهود والنصارى بحقهما، وهي اليوم على يقين بأن ما جاء في الإسلام عنهما هو الحق.
لقد تخلت مريم بعد إسلامها عن كل مظاهر الحياة الغربية المنفلتة، فتركت التمثيل وهي اليوم كاتبة صحفية بعدة منابر إعلامية، وغيرت ملابسها وكعبها العالي، لكي تصبح مسلمة ترتدي الحجاب في كل مكان عام، وفي أي وقت من أجل صلواتها الخمس.
تقول مريم وهي تبتسم: «إن صلاتي المفضلة هي الفجر، هناك شيء يكون بين الإنسان وربه في ذلك الوقت الذي يكون فيه الناس جميعا نياما»، وتضيف: «إنني أعتبر إسلامي شيئا خارقا وخارجا عن إرادتي» و«إن الحجاب يساعد النساء في التعامل مع الناس دون النظر إليهن بنظرة جنسية… لقد بدأت أدرس الإسلام عندما كنت أتعلم اللغة العربية في الجامعة، وكنت أقول: حاسبوني على ما أقول وليس على مظهري، وكانت هذه هي الطريقة التي جعلت الجميع يتعامل معي بها باحترام وتقدير لاختياري».
إن كثيرا من الساسة والمفكرين الغربيين المغرضين يحاولون إقناع مواطنيهم بأن الرجال المسلمين متشددون لأنهم «يرغمون نساءهم على ارتداء ملابس بشكل محدد، ويمنعونهن من العيش بِحرية…» لكن توجه حشود كبيرة من النساء الغربيات في مختلف دول العالم إلى المراكز الإسلامية للتعرف على الإسلام، ومِن ثَم تسلم كثيرات منهن عن اقتناع، ويتركن الميني جيب والملابس القصيرة ليرتدين الحجاب طواعية دون إكراه من أحد، كل ذلك يدل بشكل قاطع على أن هذا الدين العظيم يغير حياة من يعتنقه، وألا أساس لما يروجه الحاقدون الذين ما حرك إفكهم إلا الغل الذي يملأ صدورهم، لِما يرونه من انتشار الإسلام في المجتمعات الغربية انتشار النار في الهشيم، دون أن يقووا على صد سيله الجارف المكتسح لكل تنظيراتهم وعلومهم وفلسفاتهم.. {يُرِيدُون َلِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْكَرِهَ الْكَافِرُونَ (8) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (9)} سورة الصف.