هل يتحد المسلمون للدفاع عن الصحابة الكرام؟

كثير من العجب والدهشة يتملك الكثير من الباحثين حينما يتابعون علاقة السنة بالشيعة على المستويات الرسمية الدينية، فمن العجيب أن 90% من المسلمين يراعون مشاعر 10% من المنحرفين الشيعة الذين لا يكفون عن سب صحابة النبي صلى الله عليه وسلم وأمهات المؤمنين ليل نهار، فهل يمكن أن تصدر من الشيعة فتاوى مثل فتوى الأزهر المؤسسة الرسمية الأولى الممثلة لأهل السنة والتي جاء فيها «نحن نصلي وراء الشيعة، ولا يوجد خلاف بين السني والشيعي يخرجه من الإسلام إنما هي عملية استغلال سياسي لهذه الخلافات»؟، وهل يمكن أن يقول مراجع الشيعة الأربعة في النجف، أو أكابرهم في قم، مثل هذا التصريح دون أن يستخدموا التقية المعهودة؟
فهل يمكن أن نسمع فتوى شيعية تقول بأن أهل السنة مؤمنون وليسوا كفارا، أو بجواز تعبد المسلم على مذهب أهل السنة والجماعة، أو أن الخلفاء الثلاثة ليسوا ظالمين ولم يغتصبوا الخلافة؟ وأن الصحابة لم يرتدوا عن الإسلام وليسوا بكفار وبجواز تدريس المذاهب الأربعة في الحوزة؟
وقضية سب الصحابة عند الشيعة قضية أساسية بل هي من أساسيات عقيدتهم الباطلة، فيروي من يعتبرون رواياته في منزلة الإمام البخاري عند أهل السنة وهو محمد بن يعقوب الكليني، يروي كذبا وافتراء على الإمام جعفر الصادق رحمه الله، فيقول: «كان الناس أهل ردة بعد النبي إلا ثلاثة: المقداد بن الأسود، وأبو ذر الغفاري وسلمان الفارسي» (الروضة من الكافي 8 /245)، وأكد كلماته أيضا فيقول: «إن الناس يفزعون إذا قلنا: إن الناس ارتدوا، إن الناس عادوا بعد ما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل جاهلية، إن الأنصار اعتزلت» (الروضة من الكافي 2/296)، ومثله قال المجلسي: «هلك الناس كلهم بعد وفاة الرسول إلا ثلاثة: أبو ذر والمقداد وسلمان» (حياة القلوب، للمجلسي 2/640).
ورغم ثبات هذه الفكرة عندهم وتوارثها إلا أنهم لم يفسروا لأحد ما السبب الذي منع الإمام عليا من أن يطلب الخلافة لنفسه في مواجهة من يعتبرونهم كافرين، ونجد أيضا أن هناك تضاربا في نفس الكتاب، ففي الكافي عن الباقر قال: «إن الناس لما صنعوا ما صنعوا إذ بايعوا أبا بكر لم يمنع أمير المؤمنين من أن يدعو لنفسه إلا نظره للناس، وتخوفًا عليهم أن يرتدوا عن الإسلام فيعبدوا الأوثان» (الكافي 8/295، والبحار 28/255)، فهل بالفعل خرجوا من الإسلام أم لم يخرجوا؟
ويناصب الشيعة الشيخين العداء الشديد، ويعتقدون بكفرهما ونفاقهما وخروجهما من الدنيا على دين غير دين الإسلام، ويلعنونهما صباح مساء، فقد جاء في كتاب الكليني ص:20، قوله: «سألت أبا جعفر عن الشيخين فقال: فارقا الدنيا ولم يتوبا، ولم يتذكرا ما صنعا بأمير المؤمنين فعليهما لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، وأورد أيضا في صفحة 107 قوله: تسألني عن أبي بكر وعمر؟ فلعمري لقد نافقا وردا على الله كلامه وهزئا برسوله، وهما الكافران عليهما لعنة الله والملائكة والناس أجمعين».
ونالتا أما المؤمنين السيدتان عائشة وحفصة ما نالاه من تكفير الشيعة لهما وسبهما الذي لم يتوقف بشأنهما أبدا، فيقول شيخ طائفتهم أبو جعفر الطوسي: «عائشة كانت مصرة على حربها لعلي، ولم تتب وهذا يدل على كفرها وبقائها عليه» (الاقتصاد فيما يتعلق في الاعتقاد ص 36، وذكر ذلك البياضي في الصراط المستقيم 1/187)، ويقول محمد بن حسين الشيرازي القمي في كتابه الأربعين في إمامة الأئمة الطاهرين ص:615: «مما يدل على إمامة أئمتنا الاثني عشر أن عائشة كافرة مستحقة للنار، وهو مستلزم لحقية مذهبنا وحقية أئمتنا الاثني عشر، وكل من قال بإمامة الاثني عشر قال باستحقاقها اللعن والعذاب».
وخلاصة القول أن الصحابة عند الشيعة قسمان:
الأول: قسم وافق أبا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم على تجنيهم – المكذوب المزعوم- على علي رضي الله عنه وخيانتهم -حاش لله- لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم بتولية علي بالخلافة، وهؤلاء هم جل الصحابة رضي الله عنهم عند الشيعة الروافض.
والثاني: القسم الذين لم يرضوا بهذا وخالفوا ذلك الأمر، ورأوا أنّ أبا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم قد اغتصبوا الخلافة من علي رضي الله عنه، وأن الخلافة لعلي، وهؤلاء قد اختلف الشيعة في أعدادهم أو أسمائهم ولكن أجمعوا على ثلاثة وهم: سلمان الفارسي، والمقداد بن الأسود، وأبو ذر الغفاري رضي الله عنهم.
ولا يتصور عاقل أن الطعن في جيل الصحابة مجرد طعن في جيل ذهب إلى ربه ولن يؤثر فيهم مثل هذا الطعن حيث أنهم أفضوا إلى ما قدموا، لأن الطعن في الصحابة هو طعن في ديننا كله وطعن في القرآن وفي السنة وفي كل ثابت من ثوابت ديننا.
ولهذا من الواجب أن يقوم المسلمون من أهل السنة بالعمل على وضع ميثاق عالمي يحافظ على الصحابة رضوان الله عليهم، فليسوا عندنا بأهون ولا بأقل من قضية محرقة اليهود التي يعاقب كل من يشكك فيها، ففي 26 يناير 2007 أصدرت الأمم المتحدة قرارا يدين إنكار المحرقة، بينما قام الاتحاد الأوروبي في نفس العام بالموافقة على تشريع يتضمن أن إنكار المحرقة جريمة يعاقب عليها القانون بالسجن.
فهل يتحد المسلمون على استصدار مثل هذا التشريع الذي يحفظ لنا ديننا ويحفظ علينا سيرة جيل اختاره الله لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم؟
مركز التأصيل للدراسات والبحوث

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *