أبو العباس أحمد بن الحسن بن عَرْضُون تـ992هـ

بعد أن تضلع ابن عرضون رحمه الله في كثير من العلوم والفنون وخاصة الفقه والأصول، والمنطق والبيان والفرائض والحساب ..اشتغل بالتدريس والإفتاء ثم بعد ذلك أسند إليه منصب القضاء بشفشاون خلفا لأخيه أحمد بن الحسن بن عرضون الذي توفي سنة 992هـ/1548م على عهد أحمد المنصور الذهبي.
وبقي مترجمنا يشغل منصب القضاء بشفشاون ونواحيها من سنة 992هـ إلى أن توفي سنة 1012هـ/1603م.
أخلاقه ومواقفه:
كان رحمه الله يجمع بين التواضع الجم وبين غزارة الاطلاع ولذلك ظل يتقمص روح الطالب المستفيد بالرغم من تقلده المناصب الهامة في ذلك الوقت.
ولمواقفه هذه أمثلة عديدة وحتى لا نطيل على القارئ نكتفي بالمثال الآتي الذي يتعلق بفتوى في موضوع كان موضوع الساعة في ذلك الوقت، وهذه الفتوى تتعلق بقضية طابة “التبغ” تلك القضية التي شغلت الأوساط العلمية في ذلك الحين وكتب فيها غير واحد من العلماء الذين انقسموا فيها إلى قسمين متباينين: قسم يرى حلية التبغ، وقسم آخر يرى حرمته، ويحذر من تناوله:
“سئل سيدي إبراهيم الكلالي سأله سيدي علي بن أحمد الفزكاري عن عدة مسائل منها مسألة طابة فأجاب : أما ما عمت به البلوى من شربة العشبة المشئومة على نواحينا المتلفة أموال غربنا، وهي المسماة بتابغة بلغة أهلها، فقد كنا بحضرة فاس أيام قدوم السلطان عليها مولانا أحمد نصره الله، وبقدومه انتشر أمرها في تلك الحاضر، اجتبلها أهل مراكش، واستعملوها كثيرا فانتهى أمرها واستعمالها عند أهل تلك الحاضرة، ثم إن الغلاء ظهر هنالك وفي سائر الأقطار فجمع السلطان رحمه الله أعيان فقهاء وقته وسالهم عن سبب تردد الوباء الذي كان يتردد على مدينته المراكشية وابايته الانصراف عنها مع ما حل من الغلاء، وحبس الأمطار ومحو ذلك من الآفات النازلة في ذلك الوقت فأجابه كل واحد من الفقهاء بما ظهر له، ومن جملة المجيبين له في ذلك المجلس وكان آخرهم في الجواب شيخنا البركة الفاضل الناسك سيدي محمد ابن الحسن بن عرضون الشفشاوني الدار فقال له في جوابه: لعل هذه النوازل والوقائع سببها ما أشار إليه المولى سبحانه وتعالى في كتابه: “ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون” فقبل السلطان جوابه دون جواب غيره من الحاضرين، وفرق السلطان مجلسه ومن الغد بعث للفقيه المجيب المذكور، فقال له: قد عرفت الداء فما الدواء؟ فأجابه بأن قال: غير المنكر في أقاربك وخدامك وسائر رعيتك يبدل الله عليك عاداته عملا بقوله تعالى: “إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم” فأمر رحمه الله بتغيير المنكر، وهرق الخمر، ثم من جملة ما أمر به أن تحرق العشبة الخبيثة في ديوان النصارى بفاس الجديد، حرق منها القناطير المتعددة”.
مؤلفاته
للشيخ ابن عرضون رحمه الله، عدة مؤلفات، ومن أشهرها: “اللَّائق لمعلم الوثائق”، و”مقنع المحتاج في آداب الأزواج”، ثم اختصره في كتاب بعنوان “مختصر مقنع المحتاج في آداب الأزواج والولدان”، رسالة آداب الصحبة، أو رسالة التودد والتحابب، و”حدائق الأنوار وجلاء القلوب والأبصار في الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه سولم وعلى آله وأصحابه الأبرار»، وكتاب في شرح أسماء الله الحسنى، وغير ذلك.
وفاته
توفي رحمه الله بلده شفشاون في العاشر من رجب سنة 992هـ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *