على الرغم من معارضة المواطنين المركز التجاري “كارفور”/سلا يعود إلى بيع الخمور علنا إبراهيم بيدون

عاد المركز التجاري “كارفور” بمدينة سلا إلى بيع الخمور بعدما توقف عن بيعها وأغلق الرواق الخاص بها تحت ضغط ساكنة سلا وفعالياتها الجمعوية والسياسية من خلال وقفة احتجاجية شهر ماي المنصرم استنكر فيها سكان المدينة استهداف المركز لأبنائهم وفلذات أكبادهم، كما نددوا بالترخيص له رغم كونه يقع وسط المدينة وتحيط به أحياء سكنية شعبية، تنتشر فيها ظاهرة السكر العلني وتعاطي كل أنواع المخدرات، ومعلوم ما يترتب عنها من جرائم ومشاكل، ونكتفي بذكر حي الواد الذي يعتبر نقطة سوداء على الصعيد الوطني نظرا لبشاعة الجرائم التي ترتكب فيه بسبب الخمور، جرائم يكون أبطالها والمصابون فيها ضحايا قارورات خمر ابتاعوها من السوق الممتاز “مرجان” أو “مترو”..، فكيف إذا انضاف إليهما ثالثة الأثافي “كارفور”..
أيام بعد تلك الوقفة الاحتجاجية قام المسؤولون عن السوق بإجراء تغييرات بمحيط الرواق المخصص لبيع الخمور، حيث عمدوا إلى إقامة صفائح حديدية على رصيف القنطرة المطل على الرواق لحجب الرؤية، وذلك لموقع الرواق المكشوف أمام الراجلين خصوصا وأن هذه القنطرة والطرقات المحاذية للمركز التجاري تعرف اكتظاظا دائما، الأمر الذي تطلب إقامة جدار حديدي على طول رصيف القنطرة لمنع المارين من رؤية عملية بيع الخمور للشباب المغربي المسلم، ولم يكتف أصحاب المركز التجاري بالصفائح الحديدية التي أقاموها على القنطرة، بل أضافوا إليها سياجات حديدية أخرى قرب مدخل رواق الخمور لم تكن قبل الوقفة الاحتجاجية…
ومن شهر ماي إلى الآن ونحن نسمع أن المتجر قد عاد إلى بيع الخمور خلسة، لكن لم يكن يوجد ما أو مَن يؤكد الأمر، إلا أنه منذ 15 يوما استأنف نشاطه بشكل استفزازي، كما هو مبين في الصور المرفقة بالمقال.
وللتعمية على نشاطه في بيعه لأم الخبائث وضع المركز فريقا من رجال الأمن الخاص يسهلون عملية ولوج وخروج الشباب المسكين من الرواق، مع إلزام المتبضعين منه بستر مشترياتهم بأكياس بلاستيكية سوداء يوفرها المركز..، والمركز بهذا العمل يتحدى رغبة الساكنة السلوية، ويخرق القانون الذي يمنع بيع الخمور للمغاربة.
فلماذا يسمح المسؤولون ببيع أم الخبائث رغم نشرات الأمن والدرك التي تفيدنا يوميا بعدد القتلى والجرحى الذين تخلفهم حوادث السير، والتي من أهم أسبابها سكر السائقين، الذي يتولد عنه الإفراط في السرعة، فهل نحن فعلا صادقون في محاربة أسباب القتل والسرقة؟ وهل يمكن أن يستفيد المواطنون من حملات التوعية الخاصة بالسير على الطرق والسياقة إذا كان الكل يجمع أن الخمور المرخصة في بيعها تحصد المزيد من القتلى والجرحى في حوادث السير؟؟
وللإشارة فالمغرب صار بلدا متميزا في إنتاج واستهلاك الخمور، حيث يعرف استهلاك الخمر في المغرب ارتفاعا كبيرا في السنوات الأخيرة، فالمغاربة يستهلكون في العام الواحد ما مجموعه 131 مليون لتر من الخمر، تشمل 400 مليون قنينة بيرة، و38 مليون قنينة خمر، ومليون ونصف مليون قنينة ويسكي، ومليون قنينة فودكا، و140 ألف قنينة شامباني. ووفق ما جاء في جريدة ”لافي إيكونوميك” نقلا عن منتجين ومسوقين، فإن الاستهلاك الفردي للخمر بالمغرب جد مرتفع.
ورغم أن الخمر محرمة في دين دولتنا الإسلامي بنص القرآن والسنة وإجماع علماء الأمة بما فيهم علماء مذهب البلاد، ورغم أن أم الخبائث ثبت أنها تتسبب في العديد من العواقب السلبية والخطيرة، فإن المستثمرين في هذا القطاع المحرم لا يتوانون في إغراق السوق المغربي بمنتوجهم الخبيث، بل وتأتي المراكز التجارية لترفع من نسبة مبيعاتها وتضع الخمر في متناول جميع فئات المجتمع وبجوار المواد الغذائية وكأنها مادة من المواد الغذائية المهمة في مائدتنا نحن المغاربة، وربما هذه الثقافة ستصير منتشرة في السنوات المقبلة خصوصا إذا علمنا حجم الإشهارات التي تحظى بها الخمور في إعلامنا الفرانكفوني، بل ستزيد نسبة التأكد من احتمال قرب انتشار تلك الثقافة إذا علمنا أن التلاميذ المغاربة في بعض المدارس الخصوصية يلقنون في مقرراتهم المستوردة نصوصا تشجع تلك الثقافة، حيث شمل كتاب فرنسي يتحدث عن آداب الأكل، عبارات من قبيل: “في وجبة منتصف النهار نشرب بعض النبيذ”..
إنها استمرار في نشر ثقافة أراد المحتل أن تكون ثقافة المغاربة أيام اغتصابه للأرض والسيادة المغربيتين وذلك لإفساد المجتمع وتشجيعه على الحياة المنحلة أخلاقيا وقيميا، فقد عملت فرنسا خلال مرحلة احتلالها للمغرب على الرفع من نسبة إنتاج الخمور، حيث ارتفعت نسبته ما بين سنة 1922م و1934م من 40.000 هيكتوليتر إلى 600.000 هيكتوليتر، وقد عبّر أحد الرهبان في مجلة المغرب الكاثوليكي سنة 1923م عن ذلك الانتشار بقوله: “الخمر هذا المشروب الرجولي البهيج، سيحل محل الشاي الأخضر بالنعناع المشروب المخنث، وسيصبح مشروبا وطنيا للبربر حينما يتم تنصيرهم” (“كفاح المغاربة” 1953-1973 عبد الله رشد).
وها هو المحتل اليوم يفعل ما فعل بالأمس لكن عبر المستثمرين الأجانب والمستغربين من الذين يحملون لواء التربية والتعليم، الذين يستقدمون المقررات الغربية التي لا تعرف لديننا وهويتنا وخصوصيتنا أية قيمة.
أما آن الأوان ليفكر مسؤولونا ذوو الضمائر الحية بجدية في ما تخلفه الخمر من آثار وعواقب وخيمة على ديننا واقتصادنا وشعبنا؟
ومن يوقف هذا النزيف الدموي الذي تتسبب فيه الخمور كل يوم؟
وأين هي تلك الفعاليات السياسية والجمعوية التي احتجت بقوة في شهر ماي المنصرم؟
أم أن الانتخابات كانت هي المحفز على الاحتجاجات؟
فهل تهمنا أصوات الناخبين ولا تهمنا أرواحهم؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *