1- كل قادة وأعضاء التنظيمات تربوا في مساجد “الجمعية الشرعية” و”جماعة أنصار السنة المحمدية ” وهما جماعتان ذات توجه سلفي علمي واضح، كما تأثر جميع أعضاء التنظيمات بالشيخ السلفي محمد خليل هراس رحمه الله أحد علماء الأزهر ورئيس جماعة أنصار السنة المحمدية في ذلك الوقت من أواخر الستينات وحتى منتصف السبعينات تأثرا كبيرا جدا حتى أن بعض الكتابات تنقل لنا علمه رحمه الله بخبايا التنظيمات وتأييده لها وتوجيهها شرعيا، وفي هذا يقول أيمن الظواهري: “الشيخ العلامة المحقق محمد خليل هراس رحمه الله استفتيته في بيته بطنطا في حدود عام 1974 تقريبا فأفتاني بردة النظام المصري ووجوب خلعه (لمن يقدر على ذلك) وتباحثت معه مسائل أخرى منها حكم قتال اليهود في الجيش المصري للمكره على ذلك، وعرضت عليه ما توصلت إليه من أدلة من كلام الإمام الشافعي وشيخ الإسلام ابن تيمية والشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمهم الله تعالى جميعا فأقرني على ما توصلت إليه وسر بوجوب شباب في مقتبل العمر يصلون لهذه الأدلة ويطالعون هذا المباحث” [من كتاب التبرئة].
وكانت التنظيمات كذلك تلزم الأعضاء بحضور دروس الشيخ خليل هراس بمسجد عابدين وهو المقر العام لجماعة أنصار السنة المحمدية كما تضمنت المناهج الدراسية بجماعات الجهاد تدريس كتابي: “في ظلال القران” و”معالم في الطريق” لسيد قطب.
2- فكرة الانقلابات العسكرية كانت رائجة في ذلك الوقت في المنطقة العربية والعالم؛ وجرى تنفيذها بنجاح كبير في دول إسلامية كثيرة كما راجت في ذلك الوقت أيضا فكرة حرب العصابات من أجل التحرر الوطني.
3- اعتقاد مؤسسي جماعات الجهاد أن تنظيم الضباط الأحرار بقيادة محمد نجيب وجمال عبد الناصر كان في بدايته تابعا للإخوان المسلمين، ثم خانهم بعد ذلك لأن الإخوان لم يحسنوا تربية وتثقيف الضباط على فكر الجماعة، كما أن الجماعة حسب رأيهم أخطأت لأنها لم تستخدم القوة وتحديدا الانقلاب العسكري لمواجهة المد الناصري الذي دك أساسات الجماعة ونكل بقادتها وأتباعها في السجون.
إلى هنا ينتهي فصل واحد من فصول تاريخ الحركات الجهادية والذي امتد ما بين عامي 1965م و1980م لتبدأ فصول أخرى عديدة، قصت الجماعة الإسلامية شريط أحداثها ووقائعها بمعية تيار الجهاد أو جماعة الجهاد، لتتوالى فيما بعد الانشقاقات والتكتلات والاستقطابات بين أطياف الجسد الجهادي، هذا دون إغفال ذكر بعض الجيوب الجهادية التي أفل ذكرها جراء اختفائها واندثارها، علما أن أسمائها ورموزها قد بقيت عالقة في أرشيف الحركات الجهادية، ولعل طابع المحدودية في التأثير والانتشار أهم ما يميز هذه الجيوب التي ابتدأت بالظهور مع انشقاق فصيل “شباب محمد” عن جماعة الإخوان وانتهت بمقتل زعيم ومؤسس فصيل “الشوقيون” شوقي الشيخ، وهذه نبذة سريعة حول تاريخ هذه الجيوب الجهادية:
1- السماويون: كان الشيخ طه السماوي وشهرته عبد الله السماوى قد اعتقل عام 1965 ضمن جماعة الإخوان المسلمين، وكان مازال في سن المراهقة، وعندما خرج من السجن نجح في تأسيس جماعة جديدة أصبح هو أميرها ليسعى لإعادة تأسيس دولة الخلافة الإسلامية عبر تكوين جماعة كبيرة تعتزل المجتمع وتعيش في الصحراء، وفي منتصف السبعينات صارت جماعته من أكبر الجماعات الإسلامية على الساحة المصرية حيث لم يكن يضاهيها في الانتشار حينئذ سوى جماعة شكري مصطفى “الهجرة والتكفير” وكان شكري زميل السماوي في سجون عبد الناصر، ولا تقتصر أهمية السماوي على ذلك بل ترجع أهميته لأن انتشاره هذا أدى لتوسيع رقعة المنتمين للحركة الإسلامية في السبعينات الأمر الذي جعل كثيرا من رموز الجهاد والسلفية والجماعة الإسلامية تلاميذ لبعض الوقت لدى السماوي حتى قيل بحق “أن جميع الإسلاميين قد مروا عليه في وقت ما من حياتهم”.
ومن أشهر من تتلمذ عليه الملازم أول خالد شوقي الإسلامبولي الذي نفذ عملية اغتيال أنوار السادات وأيمن الظواهري وسيد إمام الشريف وهاني السباعي وآخرين، والشيخ طه السماوي معروف أنه شاعر لوذعي له شعر كثير متميز، وكان السماوي قد نشط لبعض الوقت في أواخر الثمانينات وحتى أواخر التسعينات مع حزب العمل المصري، ومازال ساعد السماوي الأيمن عبد الرحمن لطفي ابن خالة خالد الإسلامبولي يعمل كقيادي لحزب العمل بالمنيا في صعيد مصر، و كانت أجهزة الأمن المصرية قد نسبت إلى جماعته تهمة حرق أندية الفيديو في عام 1980م، وتم إلقاء القبض عليه للمرة الأخيرة عام 2007م عندما اتهمته أجهزة الأمن بإحياء جماعة السماوي على إثر تصريحات إعلامية انتقد فيها مراجعات تنظيم الجهاد التي أعلنها سيد إمام الشريف، ولم يعد لجماعة السماوي وجود الآن وقد توفى عبد الله السماوي في يناير 2009م.