لقد أدى عليه الصلاة والسلام الدور التعليمي على الوجه الذي ينبغي خير أداء بخير الأساليب وأفضل الطرائق، فالقرآن الكريم أثبت معلمية رسول الله صلى الله عليه وسلم بنصوص صريحة حيث قال تعالى: {هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وان كانوا من قبل لفي ضلال مبين}.
وباعتبار دور السنة العظيم في بيان القرآن وتأكيد ما جاء فيه وتعضيده نجد العديد من النصوص الحديثية أثبتت صفة المعلمية للرسول وأكدت على ذلك بل ونوهت بهذا الدور الذي ناط المولى به نبيه.
ولقد أثبت التاريخ أن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم كان معلما وأي معلم؛ فلا يوجد أي معلم أو مربي في التاريخ تخرج على يديه عدد أوفر وأهدى من رسولنا الكريم فلقد تخرج على يديه عدد غفير من الأصحاب والأتباع، وكان يختار في تعليمه من الأساليب أحسنها وأفضلها وأوقعها في نفس المخاطب وأقربها إلى فهمه وعقله، وأشدها تثبيتا للعلم في ذهنه وأكثرها مساعدة على إيضاحه له، وسنذكر بعضها آملين الاسترشاد بها ولعل أهمها:
– تعليمه صلى الله عليه وسلم بالسيرة الحسنة والخلق العظيم وهي من أعظم وأبرز أساليبه في التعليم فكان إذا أمر بشيء عمل به أولا ثم تأسى الناس وعملوا كما رأوه.
– تعليمه صلى الله عليه وسلم بالتدريج في التعليم فكان يقدم الأهم فالأهم، ويعلم شيئا فشيئا ليكون أقرب تناولا وأثبت على الفؤاد حفظا وفهما.
– رعايته صلى الله عليه وسلم في التعليم الاعتدال والبعد عن الإملال فكان يتعهد أوقات أصحابه وأحوالهم في تذكيرهم لئلا يملوه وكان يراعي في ذلك القصد والاعتدال.
– رعايته صلى الله عليه وسلم الفروق الفردية في المتعلمين والمخاطبين والسائلين، فكان يخاطب كل واحد بقدر فهمه وبما يلائم منزلته، وكان يحافظ على قلوب المبتدئين.
– تعليمه صلى الله عليه وسلم بالحوار والمساءلة لإثارة انتباه السامعين وتشويق نفوسهم إلى الجواب، وحظهم على إعمال الفكر للجواب.
– تعليمه بالمحادثة والموازنة العقلية على طريقة السؤال والاستجواب لقلع الباطل من نفس مستحسنه أو لترسيخ الحق في قلب مستبعده أو لمستغربه.
– استعماله أسلوب التشويق في التمهيد للعملية التعليمية فهو عمل مقصود يتم من خلاله تنبيه الذهن للتلقي والاستيعاب، والناظر في منهج النبي -صلى الله عليه وسلم- التعليمي لا يخفى عليه الاهتمام الواضح بالبدايات القوية المشوقة.
– حكمته صلى الله عليه وسلم في تصحيحه أخطاء المتعلمين فقد أعطى من نفسه الشريفة القدوة والمثال في الصبر على أخطاء المتعلمين في مواقف كثيرة.
– توظيفه صلى الله عليه وسلم للوسائل التعليمية المتوفرة كاستخدامه للرسوم في العمل التعليمي واستخدامه الآيات الكونية الظاهرة كوسائل تعليمية، واستخدامه للمحسوس لتقريب المعاني إلى الأذهان.
وهناك أساليب أخرى كثيرة عدها العلماء في نحو من أربعين أسلوبا تعليميا مشوقا ولا شك أن كل باحث درس سنته وسيرته الشريفة سيكتشف أساليب أخرى كثيرة ومتنوعة لا يمكن عدها لأنه معلم البشرية ورحمة العالمين.