تضيف الرياضي إلى “الدرر” المتقدمة “دررا” أخرى قائلة: “من واجب ورسالة كل الهيئات الحقوقية أن تعمل على أن تلائم الحكومة والدولة التي تعمل (؟) داخلها القوانين المحلية مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان. ومرجعيتنا نحن (؟) عندما نطالب بحق من الحقوق، ليست هي القوانين المحلية، بل المرجعية الدولية لحقوق الإنسان التي نتبناها كمرجعية واحدة ووحيدة”؟
ونحن هنا لن نضيق صدر السيدة بمآخذ لغوية وتركيبية. يكفي أن نذكرها بأن التبعية الهوجاء، هي وحدها التي تدفع بالدول إلى تغيير بعض من قوانينها، كلما صدرت قوانين عن مشرعي دول غيرها هنا وهناك (= قانون الإرهاب!)، بحيث تتاح الفرصة أمام ثلة محدودة التأثير في المجتمع كي ترضي غرورها في الدعوة إلى قيم وإلى ممارسات من شأنها أن تؤخر المجتمع لا أن تقدمه!
في حين أن ادعاء السيدة بأنها لا تتبنى القوانين المحلية لفرض تصوراتها عن حرية الفرد والجماعة، وإنما تتبنى مرجعية واحدة ووحيدة، هي المرجعية الدولية! ..والمرجعيات من حيث وجاهتها وإيجابيتها وسلبيتها وقدرتها على الصمود لا نظن، أو على الأصح، لا نعتقد أن الشعب المغربي على استعداد لقبول كل قيمة مضافة، وكل ممارسة جديدة يتقدم بها إليه كل من هب ودب! لأن الشعب له شخصيته كبقية شعوب العالم، وقد وجدنا المغاربة ونجدهم باستمرار يقفون جنبا إلى جنب في صف واحد كالبنيان المرصوص لرد أي اعتداء عليهم من طرف الآخر الغازي. تمثل الاعتداء في المحسوس المادي أو في المعنوي المجرد.
ثم تخرج الرياضي من التلويح إلى التصريح فتقول: “من حق الجميع أن يعتنق الديانة التي يريد (هل هذا رأي حزبها؟)، ومن حقه أن يعبر ويمارس عقائده حسب الديانة التي يختار. كما هناك الحق لأي شخص في أن لا يكون له دين أصلا”!
إنها هنا تتحدث عن الجميع، ولا نعرف ما إذا كانت تعني به جميع المغاربة، أم تعني به جميع البشر! المهم عندها تجسيد ما يعرف بحرية التدين على أرض الواقع. وما يعرف بحرية عدم التدين أو الإلحاد بصريح العبارة. إنها -كمناضلة حقوقية- لا ترى أي مانع في اعتناق النصرانية أو اليهودية أو المجوسية لمن يرغب في اعتناقها في العلن لا في الخفاء! والحال أن عملية التنصير جارية عندنا على قدم وساق، مع تسجيل تدخل الجهات الرسمية للوقوف في وجهها لمرات عدة! بينما تدعو إلى نفس العملية مغربية جنسيتها الانتماء إلى دولة دينها الإسلام على المستوى الرسمي والشعبي! تدعو إليها وكأنها مؤيدة للتنصير وما يفعله التنصيريون عبر التراب الوطني!
كما أنها لا ترى أي مانع من التصريح بالإلحاد متى عانقه كل راغب في اعتناقه! ونحن هنا -كما قلنا قبل الآن- لن نركن إلى اعتماد الدين فحسب لغاية تفنيد مزاعم سيدة تريد قيادة سفينة إلغاء ما اعتبرته إجحافا بحق الشعب المغربي. وإنما اعتمادنا على العقل والواقع والتجربة.
فالعقل يدعو إلى التوحيد لا إلى التشتيت… إلى الوحدة لا إلى التفرقة… إلى التماسك لا إلى التباعد والتنابذ والتنافر… خاصة وأن الظروف التي تمر بها أمتنا، تقدم لنا من الأولويات ما يحمل على الانصراف عن الزوائد البعيدة عن الضروريات!
فحرية الرأي أولى من الاجتهاد في هز البطون وتحريك المؤخرات!!! فإن نحن كافحنا ونكافح للحصول على الاستقلال حتى الآن لغاية النزول إلى الواقع بمبدأ الفصل بين السلط، إلى الحد الذي أتت عنده نيران معبد الجبروت والطغيان على ضحايا التعذيب والاختطاف والقتل وممارسة الجنس القسري حتى على الرجال! فلا يصح أي انحراف عن الطريق المؤدي إلى الأهداف التي رسمها المناضلون بدمائهم وراحتهم وأجسادهم ونفوسهم وقلوبهم، وقبل ذلك بعقولهم، كي يقول المغاربة ملء أفواههم جهرا لا سرا بأنهم تحرروا فعليا من الاستبداد، إذ حينها وحينها فقط، يعن لهم رفع رايتين: راية تتويج كفاحهم بالفوز الذي حققوه! وراية يرفعونها على قبر الاستبداد الذي أجهزوا عليه ودفنوه إلى الأبد!