منذ تعيين وزير التعليم الجديد السيد محمد حصاد، وهواجس المعاملة (المخزنية) ترخي بظلالها على كل الأحاديث المثارة بين رجال ونساء التعليم، بالنظر للمهام التي كانت موكولة للسيد حصاد آنفا.
شخصيا حين استمعت لتصريحاته الأخيرة، استحسنتُ قراراته والإجراءات الأولية المنتظر تنفيذها في الموسم الدراسي المقبل، كالحدّ من ظاهرة الاكتظاظ وسد الخصاص بالنسبة للموارد البشرية -طبعا مع التحفظ على الطريقة الجديدة في التعيينات- وتهييئ فضاء ملائم للأستاذ والتلميذ معا.
وقد سرت بين التربويين والإداريين أخبار اللجان التي تباغت المؤسسات التعليمية، وتمكث بها الساعات الطوال (ثلاث أو أربع ساعات)، بعد أن كانت تكتفي بزيارات خاطفة على فترات متباعدة.
ولستُ ضد مرور لجان التفتيش للمحاسبة والمراقبة (لأننا كَمُونيين). لكن من يقومون بالمراقبة -خصوصا مراقبة الأساتذة- عليهم أن يأخذوا بعين الاعتبار خصوصية المكانة التي يحظى بها الأستاذ، فهو ليس موظفا عاديا، وأن مراقبته وتفتيشه ينبغي أن تتم بأسلوب تربوي يحفظ للأستاذ هيبته أمام طلابه، مهما بلغ تقصيره في أداء عمله. لأن الأستاذ هو الذي يحتك بالتلميذ بشكل مباشر ودائم، فإن أسقطت زيارات التفتيش هيبته أنّى له باستعادتها بعد ذلك؟
وقد هالني تصريح أحد الأساتذة بمواقع التواصل والذي قال ما نصه: (وأخيييرا حلات البركة د.سي حصاد، اليوم جات عندنا لجنة من المديرية من مفتشين ورؤساء المصالح في زيارة مباغتة لتحصيل ما يمكن تحصيله… سجلو غياب الاساتذة.. وفاش دخلو عندي القسم شي مشا يفتش فالدفاتر واش مصحين، شي كيقلب فالتحاضير واش كلشي مقاد على حقو وطريقو، شي كيدير استجواب مع التلاميذ… وواحد غي كيسجل فشي وراق… يا سلاااااام ولاهيلا حسيت براسي فالكومسارية هههههه)!!!!
أحاول أن أتخيل المشهد في هذا القسم الذي غدا كـ(مسرح الجريمة)، سقطت هيبته، ودُنّستْ حرمته، وأضحى الأستاذ أمام تلامذته كالمتهم الذي ينتظر أن تبث اللجنة في أمر براءته، وأهليته للتدريس، وكفاءته في ضبط هذا الكمّ الهائل من التلاميذ، وهل يستعمل (العصا) أم يلتزم الأدب مع المذكرات الواهمة، فلا يحرّك لها ساكنا..
أعتقد إن كانت لجان التفتيش تقوم بهذه الطريقة البوليسية في التفتيش، فلا خير في رجال التعليم ونسائه إن صمتوا على هذا الاستفزاز، ولا خير في علمٍ تعلمناه أو نعلّمه إن لم يحفظ كرامتنا!!