من آثار الإيمان باسم الله البصير -تابع- ناصر عبد الغفور

قال الزمخشري في كشافه عند قوله تعالى: “وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا”: “أَعْيُنِنَا (في موضع الحال، بمعنى: اصنعها محفوظاً، وحقيقته: ملتبساً بأعيننا، كأن لله معه أعينا تكلؤه أن يزيغ في صنعته عن الصواب، وأن لا يحول بينه وبين عمله أحد من أعدائه”( ).
وقال في وضع آخر: “بِأَعْيُنِنَا (بحفظنا وكلاءتنا، كأن معه من الله حفاظاً يكلؤونه بعيونهم، لئلا يتعرض له ولا يفسد عليه مفسد عمله. ومنه قولهم عليه من الله عين كالئة)( )اهــ.
ومراده بهذا التأويل تعطيل صفة العين عن الله تعالى.
وهنا قد يقول قائل: هذا التفسير الذي ذكره الزمخشري قد قال به مفسروا أهل السنة( )، والجواب أن هؤلاء لما قالوا بذلك التفسير فلم يكن مرادهم تعطيل صفة العين وإنما فسروا الآية بدلالة التضمن، أي أن قوله: “تجري بأعيننا” يتضمن حفظه سبحانه للسفينة وكلئه لها ولمن فيها، مع إثبات الرؤية بأعين تليق به سبحانه.
فشتان شتان بين التفسيرين، فالأول تأويل وتحريف، والآخر تفسير بدلالة من الدلالات( ) المعروفة عند العرب( ).
– ومنهم من قال أن المراد بالعين: تأكيد الرؤية، حيث أنهم اعتقدوا أن في إثبات العين له تعالى تشبيه بخلقه لأن العين جزء من الجسم والله تعالى لا يجوز في حقه التجزئة، لذلك قالوا أن العين إنما ذكرت من باب التأكيد أي تأكيد الرؤية، وهذا التأويل باطل من وجوه:
“الوجه الأول: أنه مخالف لظاهر اللفظ.
الثاني: أنه مخالف لإجماع السلف.
الثالث: أنه لا دليل عليه، أي: أن المراد بالعين مجرد الرؤية.
الرابع: أننا إذا قلنا بأنها الرؤية، وأثبت الله لنفسه عينا، فلازم ذلك أنه يرى بتلك العين، وحينئذ يكون في الآية دليل على أنها عين حقيقية”( ).
– ومنهم من نفاها ولكنه أثبت صفة البصر وهذا حال الأشاعرة، وهذا لا شك تناقض منهم كما أشار إلى ذلك الشيخ صالح آلشيخ حفظه الله تعالى بقوله: “والأشاعرة تناقضوا فأثبتوا صفة البصر لدلالة العقل على ذلك ونفوا صفة العينين لله جل وعلا”( ).اهـ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *