حصار الفلوجة بين أيديولوجية العقلية المجوسية والحقد الصفوي

من لم يطلع على الأيديولوجية الشيعية الصفوية لا يمكنه أن يفهم المشهد العام وما يجري في سوريا والعراق وغيرهما من أراضي المسلمين، فالإرهاب الشيعي ومجازره الجماعية في الفلوجة لها مرجعية تؤطرها وتحددها.
– تعتبر العقلية الفارسية وما تدين به من دين سواء كان مجوسياً أم شيعياً عقلية وصولية تعتمد على تحالفات الأضداد للوصول إلى مبتغاها التوسعي الاستدماري بعيداً عن القيم الإنسانية والالتزامات الأخلاقية التي فطرت عليها النفس البشرية، ومثال ذلك كورش في رده لجميل ملك بابل شلمنصر، وابن العلقمي مع الخليفة العباسي.
– اعتماد سياسة الإبادة بكل طرقها سواء بالقتل أم بالتجويع أم بالحصار المدمر لكل البنى التحتية للمدن كما حصل لنادر شاه، ففضلاً عن حصاره لمدينة بغداد والموصل فقد خلف دماراً بالمزارع التي تحيط بها وتهجيراً لسكانها وإبادة بسبب الحصار التجويعي حيث قضى على أكثر من ثلثي أهل المدن المحاصرة.
– لم يتمكن الفرس أبداً ولم يحفظ لنا التاريخ أبداً احتلالاً فارسياً لأراضٍ عراقية إلا ويذكر معه دور الخيانة لمطايا الفرس ممن سكنوا أرض الرافدين، كسكنة قرية الكاظمية الذين وصفهم الرحالة الإنجليز بأنهم فرس الطباع يكرهون أهل بغداد من العرب السنة ولا يجاورونهم، ويضعون في أهل السنة السيف إن كانت لهم النوبة، أي في أيام الاجتياح الفارسي كما حدث أيام عباس الصفوي.
أما عن الفلوجة الصابرة، مدينة المساجد والعلم، فقد تعودت على أن يكون لها الكلمة العليا في الجهاد والعطاء لمقارعة المحتل:
– ففي عام 1920م وفي خضم أحداث ثورة العشرين، لم تتوقف ثورتها إلا بعد تتويج الملك فيصل ملكاً على العراق، على الرغم من توقيع الاستسلام من قبل آيات النجف بعد شهرين أو ثلاث من قيام الثورة، ورفض عشائر الفرات الأوسط تقديم المساعدة لأهل الفلوجة بقولهم: «إنهم -أي أهل الفلوجة- ليسوا منا»! علماً أن ثوار الفلوجة كانوا قد أمدوا عشائر الفرات الأوسط بعشرات آلاف الروبيات الذهبية لشراء السلاح للوقوف بوجه الجيش البريطاني المحتل.
– في عام 1941م وبرغم دخول القوات البريطانية بغداد وما يعرف حينها بالاحتلال البريطاني الثاني للعراق بسبب ثورة الكيلاني إلا أن الفلوجة بقيت آخر معاقل الثوار وكادت أن يسقط مطار الحبانية بأيدي ثوارها لولا خيانات القبائل الشيعية في جنوب العراق وسماحهم للقوات البريطانية بالتمركز على أراضيهم واستخدامها ومساهمتهم في حصار التجويع الذي لعب دوراً مهماً في استسلام المدينة.
– ما بعد عام 2003م شكلت مدينة الفلوجة مادة خصبة للحقد الصفوي الشيعي الأمريكي بسبب خروجها المستمر على الإجماع الخياني للعراق، الأمر الذي يعقبه حصار خانق ومواجهات عسكرية يلعب فيها الشيعة أخس أدوارهم في الغدر، ففي الفلوجة الأولى كان ما يعرف بالحرس الوطني الدرع الحصينة التي تصد رصاصات الجهاد الفلوجي دون جنود الاحتلال الأمريكي، وقد باؤوا بالخسران المبين.
ثم كانت الفلوجة الثانية والتي لعبت فيه المليشيات الشيعية الدور الأبرز في محاصرة المدينة اقتصادياً وخطف أبناء الفلوجة الفارين من جحيم المواجهة، وضيق الخناق على أبناء الفلوجة حتى في الدوائر الحكومية في العاصمة بغداد، حتى انتهى الحصار الأمريكي بالقنابل الفسفورية التي أحرقت الأخضر واليابس وما زالت تقارير الصحة العالمية تخفي آثارها إلى اليوم.
واليوم وفي عام 2016م، يصرح كورش مع تحالفه الدولي بأنه من الأفضل أن تضرب مدينة الفلوجة بالسلاح الكيماوي لتتم إبادتها عن بكرة أبيها، وهو الذي تباكى على أبناء حلبجة الذين أبيدوا بالكيماوي الصدامي المحرم وليس الكيماوي الخميني المحلل! ويصرح طوسيهم بأنه من الأحسن أن يتم اقتحام المدينة بشكل سريع وتباد وعلى وجه السرعة كي لا يثير ذلك لهم ضجة إعلامية! أما ابن العلقمي فهو ومن باب المسؤولية التي وضعت على عاتقه كوزير للخليفة يعتقد أنه من الواجب الحفاظ على السيادة العراقية وعدم السماح للتحالف العربي والإسلامي بتقديم المساعدة لإجلاء سكان المدينة لأنه يعد انتهاكاً لحرمة الأراضي العراقية المنتهكة أصلاً من قبل تحالف هولاكو الدولي بمعية الخميني صاحب مقولة: «إن العراق ليس مسلماً». عثمان الأمين (بتصرف-مجلة البيان).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *