لماذا احترنا الملف؟

قضية حقوق الإنسان من أكبر القضايا التي تشغل العالم اليوم بمختلف دوله وشعوبه، وشرائعه وجنسياته، وفئاته وطبقاته، واستناداً لهذا المصطلح “حقوق الإنسان”، ضيعت حقوق وواجبات، وأشعلت حروب وأزهقت نفوس، بل وأزيلت دول واستبدلت أنظمة، ونتيجة لتسلط العالم الغربي بطرحه الفكري والإعلامي وقوته المادية، شاب هذه القضية الشوائب، واستغلت من قِبَله أبشع استغلال.
“وقد جربنا الكلام عن الإنسانية والتسامح والسلام وحقوق الإنسان في عصرنا، فوجدناه كلاماً يصنعه الأقوياء في وزارات الدعاية والإعلان ليَنْفَق ويروج عند الضعفاء، فهو بضاعة معدة للتصدير الخارجي، وليست معدة للاستهلاك الداخلي، لا يستفيد منها دائماً إلا القوي”.
إنَّ في طليعة الحقوق التي يجب على الغرب أن يعترف بها حقاً أساسياً هو: الحقّ في الاختلاف معه، أعني حقّ الشعوب الأخرى، ولا سيما المستضعفة سياسياً وعسكرياً واقتصادياً وثقافياً، المتخلفة عن ركب آلته المتقدّمة في أنْ تكونَ لها عقيدتها ولغتها وثقافتها ومختلف مقوّمات هويتها الذاتية والكيانية، ثم يأتي بعد ذلك حقها في التقدم الذي بلغه العصر في شتى المجالات، والذي يعيقه الغرب بكل ما أوتي من قوة من خلال هيمنته على الثروات والمقدرات في كل الدول المتخلفة، ومن خلال تذكيتة للحروب بين أقلياتها وإثنياتها لما يدره ذلك عليه من أموال طائلة يستخلصها من تجارته مع الفريقين في مجال الأسلحة.
ثم لنلقي نظرة سريعة على المجتمعات الغربية التي أخضعت شعوبها لثقافة حقوق الإنسان وانتهكت كل حقوق الله تعالى في تسيير خلقه، فرغم رفع كل أشكال التمييز في الدول الأوربية والأمريكية ما زال العنف ضد النساء مستشريا، بل منذ اعتماد النظم الحقوقية الدولية في تلك البلدان زادت وضعية المرأة سوء، فنسبة الاغتصاب والقتل في صفوف النساء الغربيات ارتفعت بمعدلات مهولة، وكذلك حالات التحرش الجنسي، وعدد السجناء، مما يثبت أن اعتماد مبادئ اتفاقيات حقوق الإنسان، والتفريط في تطبيق العقوبات التي تناسب بشاعة الجرائم المقترفة أحدث فوضى عارمة واختلالا في التوازن وشرخا في نسيج المجتمع.
أما الشريعة الإسلامية السمحاء فقد راعت حقوق الإنسان أفضل مراعاة، وسبقت بذلك القوانين الدولية والأنظمة الوضعية الجائرة، ذلك أن الإسلام هو الدين الحق الذي لا يقبل الله ديناً سواه، {ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين}، وهو المنهج الشامل الكامل المصلح لكل زمان ومكان، {إن الدين عند الله الإسلام}.
ويوم أن فرطنا في تطبيق أحكامها صرنا نسمع في بلد كالمغرب عن الارتفاع المهول لنسبة الاغتصاب والتحرش الجنسي بالأطفال التي ارتفعت إلى 536 حالة خلال سنة 2008، وعن 800 حالة إجهاض في اليوم.
إن احترام حقوق الإنسان وصيانتها واجب على كل ذي ضمير؛ فدونها يصبح الإنسان غير آمن على نفسه. لكن يجب أن يتفق الجميع أولاً على ما هو المقصود بمفهوم الحقوق؟ ومفهوم الإنسان؟ وما هي المرجعية التي سنعتمدها لتحديد هذه الحقوق؟ أهي شريعة الله؟ أم إفرازات العقول البشرية ورواد الثورات الإنسانية؟
لتوضيح الصورة أكثر حول الأسباب الكامنة وراء إصرار الغرب على التمكين للميثاق العالمي لحقوق الإنسان وإلزام كل الدول بمبادئه وأحكامه ولو بالحديد والنار، ولكشف تناقض حاملي هذا اللواء بين خطاباتهم وأعمالهم على أرض الواقع، ارتأت جريدة السبيل فتح هذا الملف.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *