يقول الفيلسوف السويسري جان جاك روسو “أعطوني طفلين لأصنع من أحدهما ملاكا.. ومن الآخر شريرا”، وقال قبله سقراط عن التربية: “صياغة النفس الإنسانية وطبعها على الخير والشر”، هذا يبين لنا الخطورة التي تلعبها التربية سواء إسلامية أو لا إسلامية في حياة النشء، ولماذا التركيز على تربية الأطفال؟
فكما أن التربية الدينية الإسلامية أداة فعالة لبناء جيل يؤمن بدينه ويبني حضارة أمته على أسس سليمة، وأخلاق نبيلة، مستمدة من ديننا الحنيف، فإن التربية المتساوقة مع الثقافات والأديان الأخرى، أواللادينية، ستخرج لنا “مسخا” بلا جذور لا علاقة له بأمته ودينه وتاريخه.
فالتربية الدينية الإسلامية تروم بالأمة نحو النمو والازدهار، وتحسين العمل، وإصلاح الذات، والمجتمع، بخلاف التربية المبنية على مخرجات الفلسفة الغربية المنية على الحرية الفردية وما تحمله من عبث.
وبما أن الطفل يكون كالأرض الخصبة، للبناء والتشييد والازدهار، فإن التربية الإسلامية أداة نافعة للاهتمام بهذا الطفل الذي يكون عبارة عن صفحة بيضاء، تكتب عليها الأبجديات الضرورية، والمقدمات التي ستستثمر في بناء الذات بكل ما تحمله من عناصر بشخصيتها، ومواقفها وتكوينها لتشييد الحضارة، وحفظ الدين والتراث.
فالتربية السليمة المبنية على أسس الدين ومبادئه وقيمه، لهي كفيلة بتكوين مناعة قوية للأطفال الناشئين، جيل المستقبل، ورجال الغد، من كل مظاهر التطرف والتخلف، والانحراف، والغلو، والمحافظة كذلك على صحته النفسية، لأن منهجها متكامل يحقق توازنا لشخصيته.
إن تربية الطفل تربية إسلامية مبنية على الأسس التي وضعها سيد الخلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، لتربية الصحب الكرام، وإعدادهم لقيادة الأمم، حتى أصبحوا خير رجالات البشرية عبر التاريخ الإنساني على سطح الأرض، سيجعله من رجال الأمة الذين يستحضرون تعاليم الإسلام في كل صغيرة وكبيرة في حياتهم الخاصة والعامة، وهذا هو مكمن انبعاث السيادة على العالم، والخيرية عن سائر البشر.
وتكون تربية الطفل حفاظا على دينه، وذلك بتنشئته على إيمان راسخ وعقيدة سليمة نقية خالصة من كل الشوائب، وعبودية لرب الكون وحده، مع الأخلاق والقيم التي تخلق في شخصيته التوازن.
كما تكون تربية الطفل حفاظا على بدنه وعقله، بتربيته على عادات صحية سليمة، وتغذية مفيدة خالية من كل ما حرم الله، وعلاقات اجتماعية طيبة، وتفكير نقي، وفهم سليم، لكل الظواهر السلبية التي تجول من حوله، حتى يكتسب مناعة توصله إلى بر الأمان.
وبما أن الطفولة هي المرحلة الحرجة في حياة الإنسان، وفيها تنمو نفسية الشخص، وهي اللبنة الأساس لتكوين شخصية رجل المستقبل، لأنها مرحلة الاستقبال، يكون فيها الطفل بحاجة إلى تربية إسلامية، تنتج لنا الشخص المثالي الذي ينطلق في كل أعماله من عبوديته لرب الكون.
فإذا تم تنزيل التربية الدينية الإسلامية تنزيلا صحيحا تخرج لنا جيل متشبع بأسمى القيم من صدق، واستقامة، وأمانة، وإكرام، وإحسان، وإغاثة الملهوف، ومساعدة الآخرين، مبتعدا عن قبائح الأخلاق والرذائل، وبذلك يتكون عندنا المجتمع المثالي إلى حد كبير، ويكون دفعة قوية للأمة نحو استرجاع مكانتها وريادتها بين الأمم.