دفاتر التحملات.. هل هي بداية سقوط إعلام الريع أحمد السالمي

بمجرد ما صادقت الهاكا على دفاتر التحملات خرج بعض المسؤولين الإعلاميين عن صمتهم، وأظهروا مكنون صدورهم، وأبدوا معارضة شديدة إزاء دفاتر التحملات التي توجسوا منها خيفة، فدقوا طبول الحرب بعدوان ثلاثي برئاسة القادة الميدانيين للإعلام الوطني؛ وبدعم لوجيستي من يومية “الأحداث” وغيرها من المنابر ذات المرجعية والخط العلماني.
فمباشرة بعد خروج دفاتر التحملات أجرت يومية الأحداث حوارات مع كل من فيصل العرايشي وسليم الشيخ وسميرة سيطايل، وقدمتهم للرأي العام في صورة الأبطال المناضلين ذوي الشجاعة والجرأة، واعتبرت الخروج الإعلامي لسليم الشيخ مدير القناة الثانية -الذي لم يسبق لنا أن سمعنا صوته من قبل-: “أجرأ خروج إعلامي.. يسجله اليوم.. مدير القناة الثانية «دوزيم» مع «الأحداث المغربية»، حيث يؤرخ لموقف جد شجاع من دفاتر التحملات التي يقترحها وزير الاتصال المغربي مصطفى الخلفي، والتي يقول إنها ستزعزع القناة الثانية وإنها لم تراع أي تصور من تصورات المهنيين”.
واعتبر فيصل العرايشي المدير العام للقطب العمومي في حواره مع الأحداث أن: “سليم تحدث بشكل مسؤول ومن موقع المسؤولية عن القناة وعن المشتغلين فيها وعن خطها التحريري، ومن هنا يجب اعتبار ما قام به عاديا جدا ويندرج في إطار مهامه التسييرية والتدبيرية للقناة”.
في حين سجلت سميرة سيطايل مديرة قسم الأخبار بالقناة الثانية في حوارها مع الأحداث دوما أنها تتقاسم: “بشكل كلي وكامل وتام مجموع النقط التي طرحها سليم الشيخ في مختلف تدخلاته الإعلامية الأخيرة بخصوص دفاتر التحملات، ولا أعتقد أنه أدلى بتصريحات لا مسؤولة، بالعكس لقد قال كلاما مسؤولا للغاية ومهنيا جدا، وتحمل مسؤولياته من أجل حماية القناة ومكتسباتها ومستقبلها”.
فهذا التكتل من مسؤولين بارزين في القطب العمومي على معارضة دفاتر التحملات؛ التي عرضتها الحكومة وصادقت عليها الهاكا بشكل تشاركي وشفاف؛ إن دل على شيء فإنما يدل على أن لوبيات الفساد المتغلغلة في هذا القطاع؛ التي لا تريد للإعلام السمعي البصري أن ينفلت من بين يديها؛ قد مست مصالحها وهي تقاوم بشراسة لتحافظ على تواجدها ومكتسباتها.
وفي سبيل المحافظة على هذه المكتسبات جيش المفسدون في هذا القطاع جيوشا من المنابر المرتزقة التي تطبل لكل من يملأ جيوبها ويخدم مصالحها؛ فلم يتركوا بابا للتلبيس والتعتيم على الرأي العام إلا طرقوه؛ ولا سبيلا يبقي هؤلاء المفسدين على كراسيهم إلا سلكوه، طمعا أن يبقى الشعب المغربي رازحا تحت نير الاحتلال العلماني للقنوات الوطنية.
ومن ضمن العناوين التي ألقوا بها على صفحات الجرائد العلمانية ليسحروا بها أعين الناس وعقولهم عناوين من قبيل:
– “أسلمة القناة الثانية”.
– “دفاتر التحملات تخدم الإيديولوجية الإسلامية لحزب العدالة والتنمية”.
– “هناك نية مبرمجة لقتل دوزيم”.
– “محاربة الترفيه والمتعة”، الترفيه والمتعة اللذان جعلا المغاربة من أتعس شعوب العالم؟!
– “خونجة الإعلام العمومي” الذي لا تكاد تتجاوز نسبة البرامج الدينية فيه 1% فعن أي أسلمة يتحدثون؟!…
فلا يعدوا أن يكون هذا الكلام أضغاث أفهام وأقلام، فكل من اطلع على فحوى دفاتر التحملات يتبين له أن هذا الكلام كله تخرص وتجن وكذب وافتراء.
ثم إن الشعب المغربي يوم أن اختار أن يصوت لصالح حزب العدالة والتنمية لم يختره مجردا عن هويته الإسلامية ورؤيته للإصلاح، بل اختاره وهو مدرك كل الإدراك لمرجعيته.
فلماذا هذا التضليل؟ ولماذا هذا التخويف المقصود من الإسلام داخل بلد مسلم؟
هذا ما لا يمكننا فهمه!!
علما أن الشعب لطالما تمنى إعلاما وطنيا نزيها؛ يخدم مصالحه ويعكس صورته وهويته كما هي، لا أن يسوق للمغرب كأنه ماخورا من مواخير الرذيلة والفساد، وأن نساءه لا يجدن إلا الرقص والغناء والتعري في الشوارع والطرقات والشواطئ؛ إلى درجة أن أصبح اسم المغرب في الخارج مقرونا باسم السياحة الجنسية والفساد.
وقد عبر الشارع عن رأيه بكل جرأة ووضوح مع وصول رياح الربيع العربي إلى هذا البلد؛ فرفعت شعارات تطالب بسقوط رموز الفساد التي عششت وباضت في هذا القطاع، كان أبرزهم من أجرت معهم الأحداث استجواباتها!! لكن لوبي الممانعة لازال أقوى من الشعب.
فهل تنهي دفاتر التحملات تحكم لوبيات الفساد في هذا القطب العمومي؟
وهل هي بداية سقوط إعلام الريع؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *