إن انتشار الإباحية في العالم الغربي ليس وليد الصدفة، بل جاء بعد قرون من التغول الفكري الذي كان كردة فعل حاقدة على كل ما هو ديني، فالآلة الفكرية الغربية نظرت للفعل الإباحي والذي من أبشع تمظهراته الشذوذ الجنسي.
فتحول بذلك جرم الشذوذ الجنسي من فعل لا أخلاقي، وفاحشة مستقبحة إلى قضية معرفية، لتدق آخر مسمار في نعش الإنسانية الغربية والطبيعة البشرية ومكانة الإنسان، وبذلك تكون الآلة الفكرية العلمانية قامت بتشييء الإنسان، ونظرت إليه باعتباره مادة صرفة لا قداسة لها.
وعن هذا الأمر الخطير قال المفكر الكبير عبد الوهاب المسيري رحمه الله: “الإباحية هي تعبير عن الاتجاه نفسه، فتجريد جسد الإنسان من ملابسه هو نوع من نزع القداسة عنه حتى يتحول الإنسان، خليفة الله في الأرض وفق الرؤى الدينية، ومركز الكون في الرؤى الإنسانية، إلى مجرد لحم يُوظف ويُستغل بحيث يصبح مصدراً للذة”.
ولجعل الغرب يقبل بالشذوذ ويطبع معه ظهرت عدة استراتيجيات إبليسية، نجحت في تحويل أمريكا وأوروبا إلى مجتمع يقبل بالشواذ جنسيا خلال أقل من 20 سنة.
حيث قام الإعلاميان الاستراتيجيان (شاذان) (مارشال كرك – هنتر مادسن) بتطوير خطة تتكون من 6 نقاط في كتيب سمياه باستراتيجية (إصلاح أمريكا المستقيمة) ونشروها عام 1987م، وتم تطويرها لاحقاً إلى كتاب أكبر يُسمى (بعد الكرة) والغرض من هذه الاستراتيجية هو تعميم الشذوذ في جميع إنحاء العالم وبين أفراد كل الأمم.
حتى أصبحت 80% من الكتب المخصصة للأطفال من جميع الأعمار في المكتبات الأمريكية تحتوي على مواضيع الشذوذ الجنسي، ناهيك عن دعم الشركات العالمية لإنتاج الأفلام، والرسوم المتحركة، وقنوات التواصل الاجتماعي، والمشاهير على مستوى العالم، وإغداق المال على كل من يدعم الشذوذ مع الشهرة والدعم اللامحدود.
وكشفت ديزني إحدى الشركات المشهورة لإنتاج الرسوم المتحركة والأفلام عن خطة لنشر الشذوذ في العالم وليس الدول الغربية فقط، وذكرت رئيسة الشركة أنها ستجعل 50% من الشخصيات وأبطال أفلام الرسوم المتحركة التي هي مخصصة وموجهة لفئة الأطفال “شواذا”، وهذا يبين الدعم الكبير للشواذ والانحطاط الأخلاقي الفاحش.
ما يفسر المكانة التي أصبحت للشواذ، والتغول في مراكز اتخاذ القرار في عدد من الدول والمنظمات، حيث أنتج مكتب حقوق الإنسان في الأمم المتحدة عام 2012، ما يسمى “دليلا لحقوق الشاذين جنسيا” تحت عنوان “يولدون أحرارا ومتساوين”.
وهنا يظهر لنا التحول السريع والانتكاسة عن الغريزة الإنسانية السليمة في الدول الغربية، فقبل عقود كانت دول الغرب بأسرها تحرم الشذوذ وتحاربه وتعاقب مرتكبه، لتنقلب كل الموازين اليوم وتصبح معادات الشذوذ جريمة يُعاقب عليها القانون ويفرض غرامات، بالإضافة إلى هجوم الإعلام على كل من عبر عن استنكاره لهذه الفاحشة، وهنا نتذكر قضية اللاعب السنغالي المسلم، إدريسا غانا غاي، الذي واجه هجوماً منهجياً غير مسبوق، من الاتحاد الفرنسي لكرة القدم ومن الجمعيات المهتمة بما يسمونه “حماية حقوق الشواذ”.
فينبغي الحذر من هذه الاستراتيجيات الغربية للتطبيع مع هذه الفاحشة التي اجتاحت الدول الغربية، ويتم دعمها بقوة اليوم في العالم الإسلامي، مع بعض التعديلات التي تأخذ بعين الاعتبار طبيعة المجتمع المسلم ليتم اختراقه بكل سهولة ونشر فاحشة قوم لوط به.