مع الحرية الجنسية.. ضد زواج القاصرات.. أي منطق هذا؟! أحمد السالمي

من الآفات الخطيرة التي تسعى العلمانية إلى نشرها، الحرية الجنسية، التي تجعل الإباحية والفوضى الأخلاقية طاغية، لا لشيء سوى لاستهداف بنيان الأسرة باعتبارها النواة الأولى في البنية الاجتماعية، ومحضن لتمرير الأخلاق والقيم.

ولتحقيق هذا الهدف تفرض المرجعية المذكورة قوانين لتضيق دائرة الحلال، وتشجع بالمقابل على الرذيلة وتوسع من دائرة الحرام، برفع التجريم عن ممارسة الزنا والشذوذ بالتراضي، وتجعله من باب الحرية الشخصية التي يجب أن تكون مكفولة للجميع.

متوسلين لتحقيق ذلك بترسانة من وسائل الإعلام، لا تكل ولا تمل عن محاربة الفضيلة، ونشر الرذيلة بالتلميح مرة، وبالتصريح مرات أخرى..

ومن المفارقات الغريبة في هذا الموضوع أن العلمانية التي تجرم زواج القاصرات (18 سنة)، تطلق العنان للحرية الجنسية، التي تسمح للمرأة بنفس الفعل الجنسي، لكنها تقبل به في دائرة الحرام وترفضه في دائرة الحلال!! ليتأكد بذلك أن هدفها إنشاء جيل متنكر للأخلاق والقيم لا حدود تمنعه من اقتراف الموبقات، وأي “تضييق” كيفما كان تعتبره اعتداء على الحريات الفردية التي تألهها العلمانية وتجعلها مسألة وجودية للإنسان.

فالدول الغربية التي تعتبر مرجعا للعلمانيين العرب سنت قوانين تسمح للفتاة بمماسة الجنس بالتراضي في سن 13 سنة، كما هو الحال في فرنسا مثلا، والنمسا وبلغاريا واستونيا وألمانيا وهنغاريا وإيطاليا والبرتغال، تحدد السلطات سن الموافقة القانونية على العلاقة الجنسية في 14 سنة.

وفي تسعة بلدان حدد سن الرضا بـ15 سنة في كل من بولندا وجمهورية التشيك ورومانيا وسلوفاكيا وسلوفينيا والسويد وكرواتيا واليونان. ويعتبر الفعل الجنسي مع شخص تحت هذا السن اغتصابا.

وفي بلجيكا وليتوانيا ولاتفيا وهولندا والمملكة المتحدة وإسبانيا وفنلندا ولكسمبرغ، ينص القانون على أن أي شخص دون السادسة عشرة يعتبر قاصرا في الحالات الجنسية.

وثلاثة بلدان فقط ترى أن الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 17 سنة هم وحدهم الذين يمكن أن يوافقوا على ممارسة الجنس، ويحدد القانون في قبرص السن الذي يمكن للمواطن أن يوافق فيه على العلاقة الجنسية بـ 17 عاما.

كما نجد زعيم الفلسفة الوجودية جان بول سارتر، والنسوية والفيلسوفة الوجودية سيمون دي بوفوار، والمنظر الاجتماعي رولان بارت، والسياسي جاك لانج، والشاعر لويس أراغون وقعوا خطابًا نُشر في صحيفة جريدة « Le Monde»  عام 1977، يدافع عن ثلاثة رجال سُجنوا لمدة ثلاث سنوات بسبب إقامة علاقات جنسية مع قاصرين يبلغون من العمر 15 عاما، وأعربوا عن أسفهم للثغرات بين «قانون عفا عليه الزمن والواقع اليومي لمجتمع بدأ يدرك وجود حياة جنسية للأطفال والمراهقين».

فأي منطق هذا الذي يبيح تصريف الشهوة عن طريق العلاقات الجنسية الرضائية، ويمنع نفس الفعل البيولوجي إن اختار الطرفان (الذكر والأنثى) الاقتران بعقد شرعي، إنه نفس المنطق الفرعوني القديم الذي يلغي الإله ويرفض الوحي ويدعي أن جاء لإسعاد البشرية “ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد”.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *