مجزرة غزة.. الهدف: كسر إرادة صواريخ حماس وإنهاء الحكم الإسلامي في فلسطين جمال عرفة

..لقد اعتمد الكيان الصهيوني الحل العسكري البربري مع غزة لأن الأمر لا يحتمل الانتظار ولا الهدنة، خصوصا أن مصادر قريبة من حماس قالت أنها طورت صاروخا محليا مداه 20 كم، كما أن الصواريخ التي أطلقتها مؤخرا بلغت مدى 40 كم وطالت مدن عسقلان.
برغم أن مجزرة غزة الحالية -وهي الثانية بعد مجرزة سابقة في فبراير 2008 سقط فيها 128 شخصا- كانت سببا في اتهام حماس لعدة دول عربية منها مصر بالتواطؤ، خصوصا أنها جرت بعد يومين من زيارة قامت بها وزيرة الخارجية الصهيونية “تسيبي ليفني” إلى القاهرة توعدت خلالها بشن عملية عسكرية على قطاع غزة؛ كما أن حماس تلقت قبلها تطمينات مصرية بأن العدوان لن يقع، فالمجزرة كانت قادمة لحسم أمر تصارع الإرادات بين الصهاينة وحركة حماس.

فخلال عامي حكم حماس تقريبا لغزة منذ حسمها السيطرة عليها، أصبحت لدى الدولة الصهيونية -وكذلك الحكومات العربية الرافضة لحكم حماس- قناعة بأن بقاء حماس في غزة يتعارض تماما مع الهدف الصهيوني الرامي لإنشاء دولة فلسطينية علمانية منزوعة السلاح ومحاصرة وتابعة للسيطرة الصهيونية اقتصاديا وتنمويا، يمكن تصدير فلسطينيي الأرض المحتلة عام 48 إليها إنقاذا للكيان الصهيوني من الغرق في المحيط الديموغرافي الفلسطيني.
ولأن سيطرة حماس على غزة تعرقل هذه الخطة، خصوصا أنها تتبنى الإسلام والجهاد كحل، فقد كان من الطبيعي أن تكون هناك خطط لاجتياح غزة بصورة أو بأخرى، وشن حملات مكثفة لإجهاض هذه الدويلة الناشئة.
عورة جغرافية.. وتهديد للكيان
لهذا يمكن القول أن الصراع بين الصهاينة وبين حماس هو صراع وجود وتهديد للكيان الصهيوني، خصوصا إذا استمرت حماس في تطوير قدراتها وترسيخ دولتها في غزة، وفرض نمط سياستها المبنية على المقاومة بما يعرقل الاستقرار الصهيوني.
ولنِضربَ مثلا على ذلك نشير بأن الصواريخ الفلسطينية التي تضرب الجنوب الصهيوني تظهر ضعف الكيان الصهيوني على تحقيق الأمن لرعاياه، لأنها -كما أسماها الخبير الدكتور نعيم بارود أستاذ الجغرافية السياسية بكلية الآداب بالجامعة الإسلامية في غزة والتي لم تسلم هي الأخرى من العدوان الصهيوني- “دولة خيوط العنكبوت التي لا تمتلك أي عمق جغرافي أو استراتيجي، وصواريخ المقاومة اللبنانية والفلسطينية أظهرت عورة جغرافيا الكيان الصهيوني، وباتت كافة المدن والمرافق الحيوية اليهودية تحت مرمى صواريخ المقاومة.. كيف؟
الكيان الصهيوني الذي لا تتجاوز مساحته (21 ألف كيلو متر مربع ) بدون الضفة الغربية وقطاع غزة تعتبر من الدول القزمية في العالم، وشكله الطولي افقده أي عمق جغرافي أو إستراتيجي، وجعل كل النقاط الحيوية داخل الدولة العبرية ممكن أن تكون في مرمى صواريخ فلسطينية يطلق عليها “بدائية”.
فأقصى عرض لفلسطين يبلغ حوالي 90 كم في منطقة رفح “شبه جزيرة اللسان عند البحر الميت” وعرض شمال فلسطين يتراوح بين 70 إلى 50 كلم، وكلما اتجهنا ناحية الشمال كلما قل العمق، وأي صاروخ من الشمال (لبنان وسوريا) أو من الجنوب (غزة) يسقط في عمق الكيان الصهيوني، وكذلك إذا أطلق من الشرق “الضفة الغربية”.
وزاد من الخطورة تطور هذه الصواريخ بحيث أصبحت تصل لمناطق سكنية داخل مدينة عسقلان المحتلة، والتي من المتوقع أن يعمل الفلسطينيون على تطويرها لتصل لمدى أبعد وتصيب أهدافاً أكثر دقة “فالمسألة مسألة وقت لا غير”-حسب محللين يهود.
والأخطر من وجهة النظر الصهيونية هو ما تسعى إليه فصائل المقاومة الفلسطينية من نقل لهذه الصواريخ إلى الضفة الغربية، حيث تصبح كل المدن والمرافق الحيوية في الكيان الصهيوني تحت مرمى هذه الصواريخ، وهو ما يعمل الكيان مستميتا على عدم تمكين فصائل المقاومة الفلسطينية منه، وذلك بالاشتراك مع أميركا والتواطؤ مع حكومة رام الله على تصفية حركة المقاومة الإسلامية حماس.
ولو استمرت حماس قوية فسوف يتمكن الفلسطينيون في النهاية من إيصال تقنية الصواريخ إلى الضفة.
فالمسافة بين مدينة “طولكرم” شمال الضفة الغربية ومدينة “نتانيا” اليهودية لا تتجاوز 20 إلى 30 كيلو متر، والمسافة بين مدينة رام الله ومطار اللد “مطار بن غريون” وهو مطار رئيسي في البلد اللقيط لا يتجاوز 20 إلى 30 كم، ومدينة قلقيلية لا يفصلها عن مدينة كفار سابا اليهودية سوى شارع يسمى “خط 338”.
لقد اعتمد الكيان الصهيوني الحل العسكري البربري مع غزة لأن الأمر لا يحتمل الانتظار ولا الهدنة، خصوصا أن مصادر قريبة من حماس قالت أنها طورت صاروخا محليا مداه 20 كم، كما أن الصواريخ التي أطلقتها مؤخرا بلغت مدى 40 كم وطالت مدن عسقلان.
يقتربون من “تل أبيب”!
وقبل المجرزة الصهيوني الأخيرة في غزة التي قتل فيها ما لا يقل عن 301 شهيد وأصيب 800 وقال الكيان الصهيوني إنها “مجرد بداية”.. قبلها بأربعة أيام فقط، كتب المعلق العسكري الصهيوني “اليكس فيشمان” في صحيفة “يديعوت أحرونوت” يعلق علي ضرورة الحسم العسكري الذي لوح به الصهاينة قائلا تحت عنوان: (حماس حصلت على صواريخ تصل إلى 40 كم.. يقتربون من تل أبيب):
“نجحت حماس في أن تهرب إلى قطاع غزة صواريخ بعيدة المدى تصل حتى 40 كم تغطي كل الأراضي التي بين بئر السبع ويفنه، وهو ما يعني أن أكثر من 800 ألف صهيوني في منطقة الجنوب والساحل يوجدون الآن تحت تهديد الصواريخ.
أيضا قال رئيس جهاز الأمن العام “الشاباك” (يوفال ديسكن) في جلسة الحكومة قبل شهر من المجزرة: إن “الذراع العسكري لحماس استغل نصف السنة الأخيرة وحسن قدراته على إطلاقه النار الصاروخية للهاون والمقذوفات الصاروخية إلى مدى بعيد ومتوسط، فدخلت “بئر السبع” إلى مدى صواريخ حماس، وكشف أن لديهم القدرة على الوصول إلى “كريات جات” و”إشدود” وأن منشآت حيوية مثل مركز البحوث النووية في “ناحل شورك” وقاعدة سلاح الجو في “حتسور” توجد ضمن هذا المدى للصواريخ!؟
ولذلك هناك تصور أن الضربة الصهيونية الأخيرة لن تصل لمستوى الاجتياح الكامل للقطاع بغرض إزالة حكم حماس قبل أن يجري دراسة حجم رد حماس.
إن معركة غزة الحالية ربما تكون أكثر شراسة من معركة فبراير 2008م لأن التهديد للأمن الصهيوني بات أكبر وأشد خطرا عسكريا وعقائديا بسبب الشحن الإسلامي والتربية الإسلامية لحماس في غزة وباقي أنحاء فلسطين، واقتراب الخطر من تهديد أمن الكيان الصهيوني بصورة أكبر.
عن موقع المسلم بتصرف يسير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *