أبناؤنا والقرآن الكريم

“تعليم الصبيان القرآن أصل من أصول الإسلام، به ينشأ على الفطرة ويسبق إلى قلوبهم أنوار الحكمة، قبل تمكن الأهواء منها وسوادها بأكدار المعصية والضلال”. (السيوطي)

لقد أنعم الله علينا بنعم عظيمة وآلاء جسيمة؛ ومن أعظم هذه النعم نعمة الأبناء الذين تقر بهم الأعين، وتهنأ بهم النفوس، قال تعالى: “الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا” (الكهف)، ومن فضل الله علينا أن يسر حفظ القرآن العظيم في حلقات تحفيظ القرآن الكريم في بعض المساجد، وفي دور تحفيظ القرآن الكريم. وقد قامت الحُجة وتيسّرت السبل ليكون أبناؤنا وبناتنا من حملة كتاب الله عز وجل، فهنيئاً لك أيها الأب أن يكون فلذة كبدك غداً حاملا لكتاب الله تعالى.
قال الحافظ السيوطي: “تعليم الصبيان القرآن أصل من أصول الإسلام، به ينشأ على الفطرة ويسبق إلى قلوبهم أنوار الحكمة قبل تمكن الأهواء منها وسوادها بأكدار المعصية والضلال”.
وقال ابن تيمية رحمه الله: “وأما طلب حفظ القرآن فهو مقدم على كثير مما تسميه الناس علماً، وهو إما باطل أو قليل النفع”. قال خباب بن الأرت لرجل: “تقرب إلى الله ما استطعت واعلم أنك لن تتقرب إليه بشيء أحب إليه من كلامه” (رواه الحاكم).
وقال ابن مسعود رضي الله عنه: “من أحب القرآن فهو يحب الله ورسوله” (رواه الطبراني).
وقال الفضيل بن عياض رحمه الله: “حامل القرآن حامل راية الإسلام..”.
من ثمرات تحفيظ القرآن الكريم للأبناء
وحتى تكتمل فرحة الآباء بما لأبنائهم في طَرْقِ هذا الباب العظيم، فإن الله عز وجل تكفل ووعد لحفظة كتابه بثمرات كثيرة منها:
– الرفعة في الدنيا والآخرة لقول النبي صلى الله عيه وسلم: “إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً، ويضع به آخرين” (مسلم)، فهنيئاً لك أن يكون ابنك أو ابنتك ممن يرفعهم هذا القرآن العظيم ويعلي شأنهم.
– إرادة الله عز وجل بأبنائك الخير لقول النبي: “من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين” (البخاري)، وأعظم الفقه في الدين قراءة وحفظ كتاب الله عز وجل مع التدبر.
– أنهم من أهل الله وخاصته لقول النبي: “إن لله تعالى أهلين من الناس، أهل القرآن هم أهل الله وخاصته” (رواه أحمد والنسائي).
– أما منازل ذريتك في الآخرة فهي أعظم المنازل وأرفعها، “يقال لصاحب القرآن اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها” (رواه أبو داود والترمذي).
– يلبس حلة الكرامة يوم القيامة، “يجيء القرآن يوم القيامة فيقول: يا رب حَلِّه، فيُلبس تاج الكرامة، ثم يقول: يا رب زده، فيُلبس حُلة الكرامة، ثم يقول: يا رب أرضَ عنه، فيرضى عنه، فيقال: اقرأ وارقَ ويزاد بكل آية حسنة” (رواه الترمذي).
– القرآن شفيع لمن تحب يوم الفزع الأكبر، قال: “اقرؤوا القرآن، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه” (مسلم).
– القرآن حجة يوم القيامة، قال: “يؤتى يوم القيامة بالقرآن، وأهله الذين يعملون به، تقدمهم سورة البقرة وآل عمران، تحاجان عن صاحبهما” (رواه مسلم).
– أن ابنك من خيار هذه الأمة وكفى بها منزلة، قال صلى الله عليه وسلم: “خيركم من تعلم القرآن وعلمه” (رواه البخاري).
– أن ابنك يعيش وينشأ في مجالس ذكر عظيمة قال صلى الله عليه وسلم: “..ما اجتمع قومٌ في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفّتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده” (مسلم).
– أن له بكل غدوة أجر حجة تامة لقوله: “من غدا إلى المسجد لا يريد إلا أن يتعلّم خيراً أو يُعلّمه، كان له كأجر حاج تاماً حجته” (رواه الطبراني وصححه الألباني).
فأنعم بها من محاسن الأخلاق ومكارمه، ويكفي ابنك وابنتك فخراً أنهم يحملون في صدورهم كلام رب العالمين الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، في زمن امتلأت فيه صدور الشباب والفتيات بما هو تافه محرم، وشغلوا عن قضايا أمتهم الكبرى بسفاسف الأمور، فأصبح هم معظم الشباب متابعة أخبار الفنانين الغربيين وغيرهم، وتقليدهم في لبسهم وتسريحة شعرهم، فغصت شوارعنا العمومية مظاهر العري والتبرج الفاحش، فأي منة هذه أيها الأب أعظم من أن تقرّ عينك وأنت تسمع وترى اهتمامات ابنك وابنتك كلها منصبة على حفظ القرآن ومراجعته، فبهذا ينشء الأبناء في طرق الخير بعيداً عن الانحراف ودواعيه، وهي نعمة ومنة عظيمة تستوجب الشكر.
معشر الآباء أما وقد انشرحت صدوركم، لهذا الأمر العظيم، وسمت هممكم للعلياء، فشمروا على ساعد الجد بتنشئة أبنائكم على الخير والصلاح، ليكونوا لكم ذخراً بعد موتكم، فإن النبي صلى الله عليه وسلم اشترط في قبول دعاء الولد لوالديه: الصلاح، قال صلى الله عليه وسلم: “إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث..”، وذكر منها “أو ولد صالح يدعو له” (مسلم).

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *