من الستريبتيز الفني إلى الستريبتيز النضالي أو بين الفن العاري والاحتجاج العاري مصطفى محمد الحسناوي

إنه استعراض لمحطات من التعري الماجن والمجاني، رصدت فيه بعض تحولات توظيف الجسد الأنثوي، الذي انتهى به المطاف لسلاح بيد المنظمات النسوية العلمانية ذات الارتباطات الغامضة والدعم المالي المشبوه، والتي يبدو أن بوادرها تنتقل لمجتمعاتنا الإسلامية، ولمجتمعنا المغربي على وجه التحديد

الستريبتيز هو نوع من الرقص الماجن الخليع الذي تبدأ فيه الراقصة بخلع ملابسها قطعة قطعة إلى أن تتعرى تماما، ثم ظهرت مؤخرا أشكال من الاحتجاج والنضال الستريبتيزي، قبل أن تصبح علامة مميزة لمنظمة (فيمين) النسوية الأوكرانية، لتنتقل العدوى إلى عدد من المناضلات العربيات في صفوف الحركة النسوية أو المنظمات الحقوقية العلمانية.
ويمكن أيضا اعتبار الستريبتيز الفني داخل الأندية والمواخير والعلب الليلية، شكل من أشكال النضال، نضال من أجل الشهرة أو المال أو لفت الانتباه، ولا يختلف عنه الستريبتيز النضالي أو الاحتجاجي كثيرا، لأنه ستريبتيز من أجل الشهرة ولفت الأنظار وتسليط الأضواء أيضا، ففيهما من التداخل والتشابك، وبينهما من العموم والخصوص، ما يجعلك لا تفرق بينهما، إذ يمكن لمناضلة ستريبتيزية، أن ينتهي بها المطاف في أحد نوادي التعري أو أفلام الخلاعة، ويمكن لمنظمة نسوية مناضلة أن تستعين بخبرة راقصة ستريبتيز، وكله نضال.
أحاول فقط فهم، النفسية والعقلية التي تدفع إنسانا للاحتجاج بتعرية أعضائه الحميمية وأجهزته التناسلية، يمكن أن نفهم الاحتجاج بالصمت كتعبير عن عدم جدوى الكلام، أو بالصراخ كطريقة للتنفيس عن المكبوتات، أو الاحتجاج بالتكسير والتهشيم للتعبير عن أقصى درجات الغضب التي تصل حد الانتقام، أو الاحتجاج بإيذاء النفس كمحاولة للضغط أو وضع حد للحياة والارتياح من واقع ملئ بالمعاناة، كالاحتجاج بتجويع الشخص نفسه (الإضراب عن الطعام)، أو التهديد بإلقاء النفس من مكان عال، أو التهديد بالحرق، إلى غيرها من التعابير التي قد نجد لها مسوغا عقليا، وإن كانت مخالفة للشرع والقوانين والأعراف.
إن الاحتجاج بالتعري، سلوك حيواني كما وصفته الوزيرة بسيمة حقاوي، وهو قمة في الوقاحة والنذالة والتفاهة، التي ليس من ورائها أي مقصد سوى السعي وراء الشهرة والجري وراء الأضواء. والتي لا يقبلها عرف ولا عقل ولا منطق ولا ذوق.
في هذا المقال أحببت استعراض محطات من الاحتجاج والنضال العاري على طريقة السرد الكرونولوجي، والتي قد يتخللها ذكر لبعض محطات ما يسمى بالفن العاري الذي لا علاقة لها بمطالب ولا نضال أو احتجاج، طالما أن الحدود بين العريين مائعة وهلامية، وطالما أنها تجد من المنظمات النسوية العلمانية التأييد والمؤازرة، لأنها إحدى التعابير والمطامح والأهداف التي تسعى لتحقيقها وترسيخها، والتي تسميها تصالحا مع الجسد وحقا للتعبير بالجسد، وغيرها من الكلمات الرنانة والعبارات البراقة، التي يراد منها ضرب الهوية وقيم الحشمة والوقار والاحترام في الصميم.
العري في الأعمال الفنية
استعمال الجسد العاري وخاصة الأنثوي، وتوظيفه لإثارة الشهوات وتحريك الغرائز، في ما يسمى أعمالا فنية، قديم جدا، في المنحوتات واللوحات التشكيلية والرقص والشعر والغناء، عند ثقافات وحضارات مختلفة، فنجد أمثلة له في المنحوتات واللوحات الفنية ابتداء من صنم عشتار أو أفروديت قبل ستة آلاف سنة، مرورا بقصائد الشعر الجاهلي، إلى فن ما يسمى بعصر النهضة، وصولا إلى الرقص الشرقي، انتهاء بالثورة الشهوانية الحاصلة في زماننا، وحتى القائلين بأن ذلك التوظيف للجسد الأنثوي كان في بداية الأمر مرتبطا بالتقديس والآلهة الوثنية، قبل أن يتحول إلى أعمال فنية، إلا أنهم لا يختلفون في كون دائرة ذلك التوظيف، توسعت فنيا وإعلاميا لأغراض تسويقية. وهو الذي يعنيني في هذه العرض، وما يعنيني تحديدا هو ظاهرة المغربيات اللواتي أقبلن على طلب الثروة والشهرة، وتحصيلها من أحط وأحقر أبوابها، بدعم وتشجيع من دعاة الحريات الفردية وحريات التعبير وحريات التصرف في الجسد وحقوق المرأة وتشجيع الفن.. وغيرها.
وسنركز على العري التام، لأن التعري الجزئي أكبر وأصعب من أن يحصر، ولعل أشهر بطلاته المدافعات عنه هي الممثلة لطيفة أحرار، قبل ظهور صفحة “ديباردور وبيخير” ودعوتها لوقفة احتجاجية نسائية بالديباردور، وهي الدعوة التي لم تنجح، لكن كما يقال بعض الشر أهون من بعض، بعد أن ظهرت دعوات التعري الكامل في مجتمعاتنا ووجدت لها من يحتضنها تحت مسميات وشعارات عدة.
فهذه لطيفة أحرار، تصرح أنه لو عرض عليها تمثيل لقطة عارية تماما فلن تمانع. ولا دخل للأخلاق أو الدين أو الأعراف أو القيم أو الهوية في ذلك.
وهذه بعض محطات التعري الكامل لمغاربيات خلال الأربع سنوات الأخيرة، انتقلن من التمني والافتراض إلى التطبيق والتنزيل.
فقد أقدمت المغربية نادية لارغيت على التعري على غلاف إحدى المجلات سنة 2009 انطلاقا من مبدأ الحرية ودعوة إليه.
وظهرت المغربية جيهان لوكيار عارية سنة 2010 على مجلة ماكسيم البريطانية في نسختها الإيطالية، وتصادف نشر صور المغنية والراقصة المغربية، مع إعداد صحيفة “الكورييرا ديلا سيرا” ملفا عن “المومسات المغربيات” ككريمة المحروق المعروفة بروبي والمتورطة في فضائح أخلاقية مع برلسكوني، والتي ظهرت هي الأخرى عارية في منابر إعلامية عديدة.
المغربية ثريا بن مهاود تختار مجلة إباحية أمريكية لتظهر فيها عارية سنة 2011، كنوع من شق الطريق نحو الجاه والشهرة.
ثم تبعتها مواطنتها فرح ملكة جمال مليلية؛ وذلك بالتعري على صفحات مجلة إسبانية سنة 2011.
بعد ذلك أقدمت التونسية نادية بوستة على التعري على غلاف مجلة تونسية سنة 2011 انطلاقا من كون الجسد من وسائل التعبير، وتشجيعا ودعما لذلك.

العري في الأعمال الاحتجاجية
كان هذا استعراضا لبعض محطات الفن العاري، وبنفس طريقة العرض الكرونولوجي سنتطرق لمحطات من الاحتجاج العاري الذي ظهر أول الأمر مع الليدي غوديفا (1040-1070م) التي ركبت صهوة حصانها عارية في مدينة كوفنتري البريطانية من أجل إقناع زوجها حاكم المدينة بتخفيض الضرائب عن سكان المدينة.
ثم كانت هناك محاولات مع بداية الألفية الثانية قبل ظهور حركة فيمن الأوركرانية سنة 2008.
فقد تعرت السورية هالة الفيصل، بسكوير بارك، بواشنطن سنة 2005 احتجاجا على الحرب في فلسطين والعراق.
ثم تعرت الجزائرية حنان زمالي، الإيطالية الجنسية سنة 2008 احتجاجا على وضعية المرأة العربية.
ثم تعرت الناشطة الحقوقية والنسوية، المصرية علياء المهدي على مدونتها الإلكترونية سنة 2011 احتجاجا على نظرة المجتمع الذكورية للمرأة. بل دعت إلى ممارسة الجنس علانية أمام أقسام الشرطة، كنوع من الاحتجاج.
ثم ظهرت الإيرانية غولشفتة فرحاني عارية مرتين في فلم corps et ames وفي مجلة madame le figaro وذلك سنة 2012، احتجاجا على أوضاع المرأة الإيرانية.
ثم عاودت علياء المهدي التعري من جديد إلى جانب فتاة يهودية وأخرى نصرانية، احتجاجا على الشريعة سنة 2012 أمام السفارة المصرية بالسويد.
وسنة 2013، أقدمت شابتان إيرانيتان على التعري بالسويد مع اقتراب عيد المرأة، احتجاجا على الحجاب.
ثم تعرت التونسية أمينة تيلر، على الفيسبوك وكتبت عبارة “جسمي ملكي وليس مصدر شرف لأحد”، على صدرها بمناسبة اليوم العالمي للمرأة في مارس 2013. مما دفع بمنظمة “فيمين” للتقدم لدى السلطات التونسية بطلب فتح فرع للمنظمة، وهو الطلب الذي قوبل بالرفض.
بالنسبة للمغربيات يمكن اعتبار أول حالة موثقة للاحتجاج العاري بالنسبة للمغربيات، تلك التي حدثت سنة 2012 بعد أن تشاجرت فتاتان مغربية وجزائرية، في منطقة “غرامبيا” وسط العاصمة الإسبانية مدريد، وبعد وصول الشرطة قامت الفتاة المغربية بخلع ملابسها كلها والتعري تماما وتم أخذ صور لها على تلك الحالة.
ثم أقدمت الناشطة الحقوقية المغربية ابتسام لشكر إحدى مؤسسات حركة مالي، إلى الانضمام لوقفة دعت لها منظمة “فيمين” بفرنسا، وقد شاركت النساء العاريات وقفتهن، واكتفت هي بتعرية بطنها مطلع سنة 2013، دعما لحق الزواج بالنسبة للشواذ جنسيا؟
بعد ذلك نشرت الممثلة البلجيكية ذات الأصول المغربية لبنى أزبال، صورة تكشف عن جسدها العلوي العاري، تضامنا مع أمينة التونسية.
وبتاريخ 23 مارس 2013، أقدمت بعض الناشطات على إنشاء صفحة على الفيسبوك بعنوان “فيمن المغرب”، في خطوة لا تخلو من جرأة وتبعية واستلاب وتقليد أعمى، وقد حققت الصفحة متابعة واسعة وعريضة في ظرف وجيز، وهو الأمر الذي يعكس قدرة هذه الدعوات على اختراق منظومتنا الثقافية ولو في العالم الافتراضي، بسبب انتشار ثقافة الميوعة والانحلال، لكن عدم إفصاح المشرفات عن الصفحة عن هويتهن، والتجاوب المحدود جدا من طرف ناشرات صورهن العارية بوجه غير مكشوف، يعكس تميز وقدرة الرقابة الذاتية التي يمارسها المجتمع المغربي.

في الختام
كان هذا استعراضا لمحطات من التعري الماجن والمجاني، رصدت فيه بعض تحولات توظيف الجسد الأنثوي، الذي انتهى به المطاف لسلاح بيد المنظمات النسوية العلمانية ذات الارتباطات الغامضة والدعم المالي المشبوه، والتي يبدو أن بوادرها تنتقل لمجتمعاتنا الإسلامية، ولمجتمعنا المغربي على وجه التحديد، أحببت من خلاله دق ناقوس الخطر، والتحذير من الاستدراج الذي ستقع فيه نساؤنا والوقوع في الحبائل والشباك التي تنصبها المنظمات النسوية العلمانية ضدا على قيمنا وثقافتنا، تحت مطالب وشعارات وتبريرات براقة خداعة، ومن أمثلتها ما ادعاه الناشط الأمازيغي العلماني عصيد، حين اعتبر الظاهرة بأنها صحية، مما يطرح ألف علامة استفهام على الأهداف والجهات التي يخدمها هذا الناشط.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *