إعلان مراكش لحقوق الأقليات الدينية في العالم الإسلامي النص الختامي والتوصيات

بعد ثلاثة أيام من أشغال المؤتمر الدولي الذي نظم بمدينة مراكش، اختتم المؤتمر الذي اختير له موضوع “الأقليات الدينية في الديار الإسلامية؛ الإطار الشرعي والدعوة إلى المبادرة”، والذي نظمته “وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية” المغربية بشراكة مع “منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة” (الإمارات)، أكد البيان الختامي لـ”إعلان مراكش لحقوق الأقليات الدينية في العالم الإسلامي” على مجموعة من الأمور من بينها:
– أن البشر جميعا على اختلاف أجناسهم وألوانهم ولغاتهم ومعتقداتهم كرمهم الله عز وجل بنفخة من روحه في أبيهم آدم عليه السلام: “ولقد كرمنا بني آدم”.
– أن تكريم الإنسان اقتضى منحه حرية الاختيار: (لا إكراه في الدين)، (ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا؛ أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين).
– إن الله عز وجل أقام السماوات والأرض على العدل، وجعله معيار التعامل بين البشر جميعا منعا للكراهية والحقد، ورغّب في الإحسان جلبا للمحبة والمودة (إن الله يامر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى).
– إن الله عز وجل أرسل سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين).
– إن الإسلام يدعو إلى البِرّ بالآخرين وإيثارهم على النفس دون تفريق بين الموافق والمخالف في المعتقد (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلونكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم. إن الله يحب المقسطين).
– أن “صحيفة المدينة” التي أقرها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لتكون دستورا لمجتمع متعدد الأعراق والديانات كانت تجسيدا للكليات القرآنية والقيم الإسلامية الكبرى.
– أن تفرد “صحيفة المدينة” عما قبلها وما بعدها في تاريخ الإسلام والتاريخ الإنساني نابع من:
أ- نظرتها الكونية للإنسان باعتباره كائنا مكرما؛ فهي لا تتحدث عن أقلية وأكثرية بل تشير إلى مكونات مختلفة لأمة واحدة (أي عن مواطنين).
ب- كونها لم تترتب عن حروب وصراعات؛ بل هي نتيجة عقد بين جماعات متساكنة ومتسالمة ابتداء.
– إن الموقف الشرعي من هذا الموضوع -كما في غيره- مرده إلى مجموعة من الأسس المنهجية التي يسبب جهلها أو تجاهلها الخلط والالتباس وتشويه الحقائق؛ ومنها:
أ- اعتبار كليات الشريعة كالحكمة والرحمة والعدل والمصلحة، وتحكيم النظر الكلي الذي يربط النصوص الشرعية بعضها ببعض ولا يغفل النصوص الجزئية التي يتشكل الكلي من مجموعها.
ب- اعتبار الجهات المخولة بالاجتهاد للسياق الذي نزلت فيه الأحكام الشرعية الجزئية، وللسياقات المعاصرة، وملاحظة ما بينهما من تماثل وتغاير من أجل تكييف تنزيل الأحكام، ووضع كل منها في موضعه اللائق به، بحيث لا تنقلب المفاهيم إلى ضدها، ولا تختل مقاصدها.
ج- اعتبار الارتباط بين خطاب التكليف وخطاب الوضع: أي النظر إلى الأحكام التكليفية موصولة بالبيئة المادية والإنسانية لممارسة التكاليف. ولذلك أصل فقهاء الإسلام قاعدة ” لا ينكر تغير الأحكام بتغير الأزمان”.
د- اعتبار الارتباط بين الأوامر والنواهي ومنظومة المصالح والمفاسد: لأنه ما من أمر ولا نهي في الشريعة إلا وهو قاصد إلى جلب مصلحة أو درء مفسدة.
وبناء على ما سبق؛ فإن دعا المؤتمرون:
أ- علماء ومفكري المسلمين أن ينظروا لتأصيل مبدأ المواطنة الذي يستوعب مختلف الانتمـاءات، بالفهم الصحيح والتقويم السليم للموروث الفقهي والممارسات التاريخية وباستيعاب المتغيرات التي حدثت في العالم.
ب- المؤسسات العلمية والمرجعيات الدينية إلى القيام بمراجعات شجاعة ومسؤولة للمناهج الدراسية للتصدي لأخلال الثقافة المأزومة التي تولد التطرف والعدوانية، وتغذي الحروب والفتن، وتمزق وحدة المجتمعات.
ج- الساسة وصناع القرار إلى اتخاذ التدابير السياسية والقانونية اللازمة لتحقيق المواطنة التعاقدية، وإلى دعم الصيغ والمبادرات الهادفة إلى توطيد أواصر التفاهم والتعايش بين الطوائف الدينية في الديار الإسلامية.
د- المثقفين والمبدعين وهيآت المجتمع المدني إلى تأسيس تيار مجتمعي عريض لإنصاف الأقليات الدينية في المجتمعات المسلمة ونشر الوعي بحقوقها، وتهييئ التربة الفكرية والثقافية والتربوية والإعلامية الحاضنة لهذا التيار.
هـ- مختلف الطوائف الدينية التي يجمعها نسيج وطني واحد إلى معالجة صدمات الذاكرة الناشئة من التركيز على وقائع انتقائية متبادلة، ونسيان قرون من العيش المشترك على أرض واحدة، وإلى إعادة بناء الماضي بإحياء تراث العيش المشترك، ومد جسور الثقة بعيدا عن الجور والإقصاء والعنف.
و- ممثلي مختلف الملل والديانات والطوائف إلى التصدي لكافة أشكال ازدراء الأديان وإهانة المقدسات وكل خطابات التحريض على الكراهية والعنصرية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *