هناوي*: قضية فلسطين ليست محل استثمار حزبي سياسوي بقدر ما هي قضية موقف مبدئي عقدي ووطني حاوره: نبيل غزال

1- إلى ما ترجعون العدوان الهمجي الأخير للصهاينة على قطاع غزة؟
أولا العدو الصهيوني لا يحتاج إلى ذرائع لشن عدوانه على الشعب الفلسطيني فتلك طبيعته وأساس وجوده، وهو القتل والمجازر منذ نشأته وإلى اليوم. لكن بالنسبة للعدوان الحالي فإنه يأتي غداة توصل الفلسطينيين لاتفاق المصالحة بعد سنوات طوال من الانقسام الحاد الذي أثر كثيرا على الشعب الفلسطيني وعلى القضية عموما.
فهذا العدوان تم التقديم له بالهجمة الأمنية العدوانية الواسعة على مدن الضفة والقدس مع قصة المخطوفين الثلاثة، وهي الهجمة التي ذاق ويلاتها أيضا آلاف اﻷسرى في سجون العدو، والذين كانوا في أوج معركة اﻷمعاء الخاوية التي أوقفوها مؤقتا بالنظر لواقع تطورات قصة المخطوفين التي استثمرتها الحكومة الصهيونية الإرهابية للالتفاف على معركة الأسرى وتحريف الضغط الحقوقي والإعلامي العالمي لصالح العدو.
فالصهاينة يستهدفون أساسا تدمير المصالحة الوطنية وتقسيم الشعب الفلسطيني من جديد عبر الضغط على سلطة رام الله لتمزيق المصالحة كما أمر بذلك الإرهابي نتنياهو، كما أن العدو الصهيوني دأب على إعادة تدمير قطاع غزة بين الفينة واﻷخرى لكبح المقاومة عن تطوير البنية التحتية والقدرات القتالية خصوصا منها الصاروخية، وكذلك تنفيذ سياسة عقاب جماعي على كل القطاع الذي سبق للعدو أن اعتبره ولا يزال كيانا معاديا بكل ساكنته وفصائله بعيد انتخابات 2006 التي جاءت بحماس.
هذا ولا ينبغي أن نغفل أيضا أن حكومة نتنياهو تحتاج إلى ترقيع وترميم شعبيتها في أوساط المستوطنين بعد قصة المخطوفين وإعطاء صورة أنها قادرة على ضبط جماح المقاومة وتدمير بنيتها.. خصوصا وأن الائتلاف الحكومي الصهيوني يعرف تصدعات تهدد بقاءه.

-2كيف ترون وضع القطاع في ظل التحولات الجيو إقليمية الأخيرة؟
منذ أن كانت والقضية الفلسطينية تخضع للتحولات الإقليمية وتتأثر بها.. كما تؤثر هي فيها أيضا.. فقطاع غزة يعيش الآن أجواء الحرب الثالثة في ظرف 5 سنوات كانت حابلة بالمتغيرات الجيو إقليمية سواء قبل الربيع العربي أو خلاله أو بعده، وهنا يبرز تأثير الوضع المصري بشكل مباشر على أوضاع القطاع الذي يبقى رهين تقلبات الوضع السياسي بالقاهرة، فبعد أن كانت أجواء الثورة المصرية ومخرجاتها المتمثلة في انتخاب الرئيس محمد مرسي قد ساهمت بشكل كبير في خلق حاضنة سياسية قوية لملف المصالحة الفلسطينية وكسر الحصار وتأمين التغطية السياسية للمقاومة من قلب القمة للعربية خلال عدوان 2012.. فقد جاء الانقلاب قي القاهرة ليشكل انتكاسة كبيرة على أوضاع القطاع، حيث عادت الحملات الإعلامية والسياسية بل والأمنية ضد المقاومة في غزة، وعادت الماكينة القديمة لنظام المخلوع حسني مبارك للعمل تحت سلطة الانقلاب وأذرعه الإعلامية.
بل إن الحصار عاد من جديد بشكل أكثر بشاعة وشراسة من خلال تقديم قطاع غزة كتهديد للأمن القومي المصري!! في إطار استعداء شامل تحت عنوان أن حماس هي جزء من تنظيم الإخوان العالمي.
ثم إن الوضع السوري المتدهور كان له التأثير الكبير على المقاومة الفلسطينية التي فقدت عمقا استراتيجيا مؤثرا بفعل خروج قيادات وكوادر حماس من دمشق وموقف نظام بشار منها إثر موقفها الحيادي من الأزمة السورية.. بحيث لم تكد المقاومة تجد في مصر محمد مرسي تعويضا عن فقدان مظلة سورية حتى تم الانقلاب بالقاهرة وتغير الموقف بشكل جد سلبي.
وهنا يقف المرء بكل إعجاب أمام قوة صمود شعب فلسطين ومقاومته أمام هذه التقلبات واستماتته في القبض على خيار المقاومة برغم المعاناة الهائلة التي يسببها الموقف الإقليمي الانتكاسي عن موجة الربيع التي تنفست فيها قضية فلسطين بعضا من آمال ارتفاع سقف الدعم السياسي. حيث ضرب الشعب الفلسطيني في غزة تحديدا أروع نموذج في الصمود والالتفاف حول قيادة المقاومة..
-3 بعض الأحزاب التي رفعت من قبل شعار «تازة قبل غزة» خرجت منددة في الوقفة الاحتجاجية ضد العدوان الصهيوني، كيف تعلقون على هذا الموقف؟
أولا نحن نحيي كل فعل داعم لقضية فلسطين وللمقاومة في غزة كيفما كان اﻹطار الذي يقف وراء ذلك الفعل. كما أن قضية فلسطين ليست للمزايدة نهائيا باعتبار الموقف العام للمغاربة الثابت إزاء دعم نضال الشعب الفلسطيني.
لكن هذا لا يمنع من تسجيل ملاحظة حول تقلب مواقف بعض مكونات المشهد المغربي التي كانت إلى عهد قريب جدا ترفع شعار «تازة قبل غزة» في إشارة إلى اعتمادها مقاربة قطرية منكفئة عن اتخاذ مواقف إزاء نضال شعب فلسطين.
وقد كان ذلك الشعار أيضا عنوان احتكاك سياسي بين أصحابه الذين جاؤوا في إطار أجندة استبداد متجدد عبر أذرع حزبية مصطنعة.. وبين أطراف سياسية وحزبية أخرى تشكل لديها قضية فلسطين إحدى أهم ارتكازاتها الأيديولوجية والتعبوية.
وهنا أعني مباشرة حزب الأصالة والمعاصرة في مقابل حزب العدالة والتنمية، فبعد رفعه للشعار إياه واصطدامه بالتطورات العربية مع موجة الربيع وانتصار المقاومة في حربيها الأخيرتين؛ قام حزب الجرار بتغيير شعاره أو على اﻷقل تجميده باتجاه العمل على خلق موطئ قدم سياسي في الموضوع الفلسطيني فكان أن استضاف مؤتمر مصالحة فلسطيني قبل سنتين، وأن أطلق مؤسسة موازية سماها مؤسسة دعم فلسطين الدولية بقيادة إلياس العمري. ثم اليوم من خلال الخروج للشارع وتنظيم وقفة تضامنية كان إلى عهد قريب يتهم خصمه اللدود pjd بالانتهازية الانتخابية باستغلالها لكسب تعاطف شعبي.
وهنا لابد من التأكيد على أن قضية فلسطين ليست محل استثمار حزبي سياسوي بقدر ما هي قضية موقف مبدئي عقدي ووطني يتعين إخراجها من التجاذبات الحزبية والعمل على الحفاظ عليها كما كانت في وجدان المغاربة.. قضية وطنية.
ــــــــــــــــــــــــــــ
*الكاتب العام للمرصد المغربي لمناهضة التطبيع
ونائب رئيس المبادرة المغربية للدعم والنصرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *