سورة المجادلة
قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ}5.
كلمة «كُبِتُوا» تفهم على غير وجهها.
قال أبو عبيدة والأخفش: أهلكوا، وقال قتادة: أخزوا كما أخزي الذين من قبلهم.
قال بن زيد: عذبوا. وقال السدي: لعنوا. وقال الفراء: غيظوا يوم الخندق. وقيل: يوم بدر. والمراد المشركون. وقيل: المنافقون.
قال العلامة بن عاشور: والكبت: الخزي والإذلال وفعل كبتوا مستعمل في الوعيد أي سيكبتون، فعبر عنه بالمضي تنبيها على تحقيق وقوعه لصدوره عمن لا خلاف في خبره مثل {أتى أمر الله} النحل1.
ولأنه مؤيد بتنظيره بما وقع لأمثالهم.
وهذا نظير قوله تعالى: {لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَويَكْبِتَهُمْ فَيَنقَلِبُواْ خَآئِبِينَ} (آل عمران127).
فـ(كبتوا) و(يكبتهم) من الكبت بمعنى الغيظ والإذلال والهلاك.
سورة الحشر
قوله تعالى: {كيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ}7.
«دُولَةً» معناها متداولا بين فئة من الناس.
قال أبوعمرو بن العلاء: الدولة (بالفتح) الظفر في الحرب وغيره، وهي المصدر. وبالضم اسم الشيء الذي يتداول من الأموال. وكذا قال أبو عبيدة: الدولة اسم الشيء الذي يتداول.
قال الطبري: وقد اختلف أهل المعرفة بكلام العرب في معنى ذلك، إذا ضمت الدال أو فتحت، فقال بعض الكوفيين: معنى ذلك: إذا فتحت الدولة وتكون للجيش يهزم هذا هذا، ثم يهزم الهازم، فيقال: قد رجعت الدولة على هؤلاء؛ قال: والدولة برفع الدال في الملك والسنين التي تغير وتبدل على الدهر، فتلك الدولة والدول. وقال بعضهم: فرق ما بين الضم والفتح أن الدولة: هي اسم الشيء الذي يتداول بعينه، والدولة الفعل.
قال السعدي: (كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً) أي: مدوالة واختصاصا.
قال القاسمي: (كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً)أي يتداولونه وحدهم دون من هم أحق به.
سورة الجمعة
قوله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ}5.
«أَسْفَاراً» ليست من الأسفار بمعنى الرحلات، بل هي جمع سفر وهو الكتاب الكبير.
قال القرطبي: (كمثل الحمار يحمل أسفارا) هي جمع سفر، وهو الكتاب الكبير، لأنه يسفر عن المعنى إذا قرئ.
قال ابن منظور: والسِّفْرُ، بالْكَسرِ: الْكتابُ، وقيل: هو الْكتَاب الْكَبير، وقيل: هو جزء من التّوراة، والْجمع أَسفار.
قال بن عباس: {كمثل الحمار} كشبه الحمار {يحمل أسفارا} كتبا لا ينتفع بحمله كذلك اليهود لا ينتفعون بالتوراة كما لا ينتفع الحمار بما عليه من الكتب.
قال أبو السعود: أيْ كتباً منَ العلمِ يتعبُ بحملِهَا ولا ينتفعُ بهَا.
سورة القلم
قوله تعالى: {قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ}28.
يعتقد كثيرون أن (أوسطهم) هوالذي يقع بينهم في المكان أوالعمر، إلا أنها تعني أمثلهم، أعدلهم، أعقلهم وأحكمهم.
قال بن العربي المعافري: (قال أوسطهم)، أي: أمثلهم وأعدلهم وأعقلهم.
وقال الطبري: (أوسطهم): أعدلهم.
يؤيد ذلك قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطا}، فالوسط هو العدل كما حكي ذلك عن مجاهد وسعيد وقتادة والضحاك وغير واحد من أهل التفسير.
والوسط هو الخيار الأفضل وليس المراد به ما كان بين شيئين متفاوتين.
قال بن عاشور: وأوسطهم أفضلهم وأقربهم إلى الخير وهو أحد الإخوة الثلاثة. والوسط: يطلق على الأخير الأفضل.
والله تعالى أعلى وأعلم.