السادة المالكية وحكم البناء على القبور*

إن المبالغة في تعظيم القبور والتمسح بها وبناء القباب عليها، أمر مخالف للشرع، لذلك درج علماء المغرب على الإفتاء بالنهي واجتناب تلك الأعمال.

فهذا إمام المذهب مالك بن أنس رحمه الله قد صح عنه من وجوه النهي عن تشييد القبور والبناء عليها وتجصيصها وغير ذلك، وبالغ في النهي عن المبالغة في تعظيم قبر النبي صلى الله عليه وسلم والتمسح به، وحذر من تتبع الآثار والمشاهد، ونهى عن شد الرحال إلى غير المساجد الثلاثة، ونهى عن التوسل بغير الله..
قال مالك: أكره تجصيص القبر والبناء عليه، وهذه الحجارة التي يبنى عليها. (المدونة 1/170).
قال سحنون معلقا: فهذه آثار في تسويتها فكيف بمن يريد أن يبني عليها. اهـ
فهذا نهي صريح من إمام المذهب عن البناء على القبور وتجصيصها، كما يفعل أهل الجهالة في بلدنا..
وقد تابعه على هذا كثير من أتباع مذهبه، فمن ذلك:
محمد العتبي (المتوفى سنة 255هـ) قال في المستخرجة (2/254- شرحها البيان والتحصيل): وسئل ابن القاسم عن قول عمر عند موته: ولا تجعلوا علي حجرا؟ قال: ما أظن معناه إلا من فوق على وجه ما يبنى على القبر بالحجارة. وقد سألت مالكا عن القبر يجعل عليه الحجارة يرصص بها عليه بالطين؟ وكره ذلك، وقال لا خير فيه، وقال: لا يجير ولا يبنى عليه بطوب ولا حجارة.
وقال ابن أبي زيد القيرواني في الرسالة (70): ويكره البناء على القبور وتجصيصها.
وقال النفراوي في الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني (1/427): وكما يكره البناء على القبور على الوجه المذكور يكره تجصيصها، أي: تبييضها.
وقال العدوي في حاشيته على شرح كفاية الطالب الرباني (1/422): قوله: “ويكره البناء على القبور” أي: كقبة أو بيت أو سقف، وكذا حواليه لما فيه من التفضيل على الناس.
وقال أبو العباس القرطبي في المفهم (2/626) معلقا على حديث جابر: نهى أن يجصص القبر ويبنى عليه، وبظاهر هذا الحديث قال مالك، وكره البناء والجص على القبور، وقد أجازه غيره وهذا الحديث حجة عليه.
وتكلم الإمام أبو عبد الله القرطبي عن مسألة اتخاذ القبور مساجد وشدد في المنع، وحرم المبالغة في تشييد القبور وتعلية بنائها. قال رحمه الله في تفسيره (10/247-248): فاتخاذ المساجد على القبور والصلاة فيها والبناء عليها إلى غير ذلك مما تضمنته السنة من النهي عنه، ممنوع لا يجوز…
قال علماؤنا : وهذا يحرم على المسلمين أن يتخذوا قبور الأنبياء والعلماء مساجد..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* من كتاب “علماء المغرب..” للأستاذ مصطفى باحو بتصرف يسير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *