مَنَاخ نَشأةِ المذَاهِب الفِكرية المعَاصِرَة الفصل الأول: مناخ نشأتها في أوروبا* يتبع

تفصيل العامل الأول بإيجاز

وهو تحريف الدين عقيدة وشريعة، وتحوله إلى أوضاع بشرية مشحونة بالخرافات.
استقرت العقيدة النصرانية الرسمية المؤيدة من الكنائس الغربية والشرقية، على فكرة التثليث التي عملت دسائس اليهود منذ القرن الأول الميلادي على إدخالها في المسيحية.
كما استقرت على تحريفات أخرى دخلت في أحكامها وتطبيقاتها بعوامل شتى، منها ما كان مكراً مقصوداً من أعداء المسيحية الذين دخلوا فيها نفاقاً، ليفسدوها من داخلها، ومنها ما كان من المسيحيين أنفسهم، ومن رجال الكهنوت فيهم، استجابة لأهوائهم وشهواتهم ومصالحهم ومنافعهم الدنيوية الخاصة، أو استجابة لضغوط ذوي السلطان والجاه، من ملوكهم وزعمائهم وأغنيائهم وقادتهم العسكريين.
وفيما يلي لمحة عن تاريخ التحريف الذي دخل في المسيحية، فأفسد أصولها الربانية التي أنزلها الله عزّ وجلّ على عيسى عليه السلام.
1- دسائس “بولس”:
من الذين احتلوا مركزاً مهماً من مراكز الصدارة في الديانة النصرانية رجل اسمه “بولس”.
و”بولس” هذا قصته في النصرانية قصة عجيبة غريبة، إنه صاحب الشأن الخطير في تحريف الديانة النصرانية عن أصولها الربانية الصحيحة التي أنزلها الله على عيسى عليه السلام.
كان هذا الرجل يهودياً طرطوسياً من الفريسيين، وكان اسمه “شاوُل” وهو لم يرَ عيسى عليه السلام، ولا سمعه يدعو الناس ويبشر بدين الله، مع أنه قد أدرك زمانه.
وكان في أول عهده من كبار أعداء النصارى الذين آمنوا بعيسى وصدقوه واتبعوه، حتى كان ممن أنزل بهم ألواناً من الاضطهاد والقتل والتعذيب.
وبعد أن رفع الله عيسى عليه السلام إليه بمدة من الزمن أعلن “بولس=شاوُل” هذا بشكل مفاجئ دخوله في النصرانية، وأحاط دخوله فيها بادعاءات غريبة جرت له، ومشاهدات روحية خاصة، ادّعى فيها أن يسوع بنوره الباهر هبط عليه عندما كان قادماً من دمشق وقريباً منها. وقال له: لماذا تضطهدني؟ فقال “بولس=شاول” وهو مرتعد ومتحير: يا رب ماذا تريد أن أفعل؟ فقال له: “قم وادخل المدينة، فيقال لك: ماذا ينبغي أن تفعل؟”، وبعد أن قاده رفاقه إلى دمشق، واستقر فيها، أتاه حنانيّاً، وكان هذا رجلاً مشهوداً له بالتقوى من جميع اليهود السكان كما يذكر “بولس”، فأخبره بأن الله قد اختاره ليعلم الدين ويكرز بالمسيحية، أي: يعظ بها ويدعو إليها.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* من كتاب “كواشف زيوف في المذاهب الفكرية المعاصرة” للشيخ الدكتور عبد الرّحمن حسن حَبَنّكة الميداني (ج1/ص: 10-11).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *