خلال الحملة الانتخابية الأخيرة رفع الحزب الذي يقود الحكومة شعارات كبيرة للتغيير، ووعد المغاربة أنهم “يستاهلو احسن”، وأكد أنه في حال حصوله على ثقة المواطن فسيحس الأخير بالتغيير من أول يوم.
وكذلك كان، فقد أحسن المواطن المغربي بالتغيير على مستويات متعددة، ارتفاع صاروخي للمواد الاستهلاكية والمحروقات، قمع للوقفات الاحتجاجية المناهضة لفرض “جواز التلقيح”، ارتباك سياسي، انقلاب على المطالب المرفوعة، الجمع بين المناصب وتوزيعها وفق خارطة عائلية محددة.
فلم يمض سوى أسبوع واحد فقط على تعيين الحكومة حتى أعلن عن إعفاء نبيلة الرميلي، من منصبها بوزارة الصحة، بدعوى أنها تشغل منصبين مهمين، ولا يمكنها الجمع بين الوزارة وعمودية مدينة كبرى مثل الدار البيضاء، وكأن الأمر لم يكن مطروحا قبل رفع لائحة الوزراء للملك.
وفي أول بلاغ حكومي يصدره الناطق الرسمي باسم الحكومة والوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان مصطفى بايتاس، ارتكب أخطاء إملائية فادحة، لا يمكن أن تصدر إطلاقا عن لسان رئاسة الحكومة المغربية.
قانون المالية الذي أعده وزير المالية فوزي لقجع لم يتضمن لا زيادة 4000 درهم التي وعدت بها الحمامة الأطباء، ولا 2500 درهم لرجال ونساء التعليم، ولا 2000 درهم للنساء الحوامل، ولا التعويضات العائلية ومصاريف التمدرس..
أما “الأساتذة المتعاقدون” فقد أوضح وزير الميزانية بجلاء أنه “إذا كان ملف موظفي أطر الأكاديميات فيه إشكال، فإن هناك أكثر من 100 ألف موظف آخر في أزيد من 200 مؤسسة عمومية يشتغلون بالمنطق نفسه”، مؤكدا أن “الموظفين في قطاع التربية والتكوين أصبح لديهم نظام أساسي منذ سنة 2018، ويحصلون على أجورهم من الأكاديميات وفق منظور جهوي”، بمعنى ليس هناك تغيير في الأفق سيشمل أساتذة التعاقد المحتجين.
الفضيحة الأخرى في عمر الحكومة القصير؛ تمثلت في التعيينات العائلية، حيث أقدمت وزيرة على تعيين زوجها مديرا لديوانها، ولم تتردد عمدة البيضاء (نبيلة الرميلي ذاتها) في تقليد زوجها منصب النائب الأول لها (تراجع بعد الضغط الشعبي)، أما عمدة الرباط، فمررت صفقة الدفاع عن العاصمة لزوجها وطردت منتخبين، مع نعتها لأحدهما بـ”المحامي الفاشل”!
رئيس الحكومة بدوره أثار استياء الرأي العام بسبب سلوك دبلوماسي ينمُّ عن اضطراب ورعونة، وذلك بانحنائه أمام ولي العهد السعودي، وعدم إبدائه أية ردة فعل إزاء بتر خارطة المغرب في “لوجو” قمة “مبادرة الشرق الأوسط الأخضر” بالرياض.
ونحن إذ نرصد ونتتبع عمل الحكومة لا نسعى أبدا لإفشالها أو تبخيس عملها، بالعكس فنحن نتمنى لها التوفيق والنجاح، لأن بنجاحها تتحقق مصالح كبيرة للمغاربة، من ضمنها تنفيس الاحتقان المجتمعي، ورفع المعاناة عن المقهورين، وتحسين دخل المتضررين بسبب الوضع الاقتصادي المتأزم، لكن لا يجب أيضا أن يغيب عن ذهننا بأن الحزب الذي يقود الحكومة الحالية هو ذاته من كان يتقلد أبرز الحقائب في حكومتي بنكيران والعثماني، وعلى أي حال فالأيام كاشفة ولي قال “العصيدة باردة ها هو دار يدو فيها”.