الجُشاء هو: خروج الهواء بصوت من المعدة عن طريق الفم عند حصول الشبع.
ولم يرد في السنة ما يدل على أنه يستحب للمسلم إذا تجشأ أن يحمد الله أو يستغفره أو يذكره بأي ذكر، وقد تجشأ رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يأمره بشيء من ذكر الله تعالى بعد الجشاء.
فقد روى الترمذي (2478) وحسنه، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: تَجَشَّأَ رَجُلٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: (كُفَّ عَنَّا جُشَاءَكَ ؛ فَإِنَّ أَكْثَرَهُمْ شِبَعًا فِي الدُّنْيَا أَطْوَلُهُمْ جُوعًا يَوْمَ القِيَامَةِ) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي.
فالجشاء ناتج عن كثرة الأكل، وكثرة الأكل مذمومة في الشرع.
قال المناوي رحمه الله: “لأَن من كثر أكله كثر شربه فَكثر نَومه فكسل جِسْمه” (التيسير 1/312).
فنهاه الرسول صلى الله عليه وسلم عن الجشاء بحضرة الناس، لأن ذلك يؤذيهم، فهو خلاف الأدب، وحضه على قلة الأكل.
ولم يحضه على ذكر خاص، ولا أمره بالاستغفار ولا غيره، فدل ذلك على أن الذكر عند التجشؤ ليس من السنة.
ثانياً: قول (الحمد الله) بعد التجشؤ، له أحوال:
1- أن يقول ذلك معتقدا أنه سنة وعبادة خاصة يتقرب به إلى الله.
فتكون بدعة؛ لأنها تقرب إلى الله بما لم يشرعه.
2- أن يجري ذلك على لسانه على سبيل العادة دون اعتقادٍ لفضيلة خاصة.
فهذا لا يوصف بكونه سنة ولا بدعة، بل هو من الأمور المباحة.
3- أن يقولها مراعياً لمعنى قام في ذهنه، وهو أن التجشؤ ناتج عن الشبع، فهو نعمة يستحق الله الحمد عليها، ومثله من يتثاءب ويستحضر أن هذا التثاؤب من الشيطان، فيستعيذ بالله منه، ولكنه لا يعتقد أن هذا سنةٌ مشروعة، بل يقوله للمعنى الذي قام في نفسه.
فهذه الحالة الأقرب: أنه لا حرج فيها.
قال ابن مفلح: “وَلَا يُجِيب الْمُجَشِّي بِشَيْءٍ، فَإِنْ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، قِيلَ لَهُ: هَنِيئًا مَرِيئًا، أَوْ هَنَّأَكَ اللَّهُ وَأَمْرَاك، ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَابْنُ تَمِيم، وَكَذَا ابْنُ عَقِيلٍ، وَقَالَ: لَا نَعْرِفُ فِيهِ سُنَّةً، بَلْ هُوَ عَادَة مَوْضُوعَة” (الآداب الشرعية 2/346).