لا بد أن أتمتع بشبابي..، من حقي أن أحيى كما أريد..
لماذا لا أرقص مع الرجال وأغني في برامج الواقع (ستار أكاديمي، استوديو دوزيم) لأنال الشهرة؟
لا يوجد ما يمنعني من أن أسبح عارية في غير قطعتين من الثوب حتى أظهر جمالي؟
أنا حر، من حقي التمتع بما أريد، فليس هناك قيد يمنعني من فعل ما تمليه علي حريتي المطلقة..
مفاهيم لأصحاب الشهوات أصبحت تروج قصد الإقتداء في الأفلام والصحف والمجلات العلمانية، فهل العبد حر يفعل ما يشاء؟
إن مفهوم الحرية يختلف بين مَن يتخذ المرجعية الدينية الإسلامية أساسا ينطلق منه في الحكم على الممارسات والأفكار والمفاهيم وبين من يتخذ المرجعية العلمانية أساس الحكم على المثل والقيم.
فالعلماني يؤمن بالحرية المطلقة التي لا تعترف بوجود قيود سمائية تؤطرها، الأمر الذي ينتج عنه تسيب يفرز سلوكيات إجرامية ترغم أصحاب الفكر العلماني على أن يضعوا المزيد من القوانين للحد من آثار التسيب التي تتطور وتستفحل مع مرور الزمن، وهو ما يلزم منه تغيير تلك القوانين حتى تتماشى مع إكراهات الواقع وتسلط الحرية الفردية، التي أصبحت القيمة المطلقة الوحيدة، حيث صار البغاء في ظل حمايتها حقا مكفولا، وأطفال الزنا والأمهات العازبات فوق القانون، وحق الشواذ والمثليين ضرورة مجتمعية، والربا عصب الاقتصاد، والعري والخيانة الزوجية وتدنيس المقدسات إبداع وحرية تعبير…
أما المسلم فهو يعيش من أجل حرية تتبرأ من أي عبودية لغير الله سبحانه وتعالى، ويؤمن بأن الأحكام الشرعية أنزلت من أجل ضبط وتقنين الحرية الفردية التي تصير مع البعد عن أوامر الله عبودية للذات يعيش معها الإنسان حيوانية مذلة لا ارتباط لها بخالقها.
إن تحقيق العبودية لربِّ السماوات والأرض، هي الحرية المطلقة التي تحقق للإنسان والانعتاق من عبودية الهوى والنفس الأمارة بالسوء، والانعتاق من عبودية الأحكام الوضعية والمذاهب الفكرية الهدامة التي تهوي بأصحابها في ويلات الاضطراب الفكري، والفقر الروحي، والقلق النفسي، وإن حققوا اللذة والمتعة من ورائها فهي “كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً”، وقصص الذين أو اللواتي حققوا أعلى مراتب الشهرة والتألق ووضعوا حدا لحياتهم بالانتحار فيها عبرة تبين لمن خلفهم أن السعي وراء تحقيق اللذة والمتعة لا يحقق الأمن والاستقرار الروحي وأن للحرية معنى لا يتحقق إلى في إطار العبودية للخالق..
وممن اشتهرت قصص انتحارهم الممثلة “مارلين مونرو”، والمغنية “داليلدا”، وداعية التحرر المصرية درية شفيق..
وقد شبه الله سبحانه وتعالى الذين كفروا بربهم في تمتعهم بالملذات وإشباعهم لرغباتهم بالأنعام الذين لا يعقلون، قال الله تعالى: “وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ” (سورة محمد: 12).
وهذه تفاسير لثلة من العلماء لهذه الآية، فيها عبرة لمن ألقى السمع وهو شهيد:
تفسير ابن كثير رحمه الله: “وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ” )أي: في دنياهم، يتمتعون بها ويأكلون منها كأكل الأنعام، خضما وقضما وليس لهم همة إلا في ذلك. ولهذا ثبت في الصحيح: “المؤمن يأكل في معى واحد، والكافر يأكل في سبعة أمعاء”. ثم قال: “وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ” أي: يوم جزائهم.
تفسير القرطبي رحمه الله: “وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ” في الدنيا كأنهم أنعام، ليس لهم همة إلا بطونهم وفروجهم، ساهون عما في غدهم. وقيل: المؤمن في الدنيا يتزود، والمنافق يتزين، والكافر يتمتع.
“وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ” أي مقام ومنزل.
التحرير والتنوير: “وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ”.. عن حال المؤمنين في الآخرة وعن رزق الكافرين في الدنيا، فبين الله أن من ولايته المؤمنين أن يعطيهم النعيم الخالد بعد النصر في الدنيا، وأن ما أعطاه الكافرين في الدنيا لا عبرة به لأنهم مسلوبون من فهم الإيمان فحظهم من الدنيا أكل وتمتع كحظ الأنعام، وعاقبتهم في عالم الخلود العذاب.
وأخيرا ليتدبر العبد قولة عمر رضي الله عنه التي سجلها التاريخ بمداد من يقين، قال وهو يبين العزة الحقيقية: “نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، فإن ابتغينا العزة بغير الإسلام أذلنا الله”.