المهمة الغامضة لأمريكا بسوريا لحماية ابنتها “المُدللة”

سلط خبراء ومحللون استراتيجيون الضوء على مساعي الولايات المتحدة الأمريكية في سوريا ومهمتها الأساسية التي تصبو في الوصول إليها، مشيرا إلى التناقض في التعامل مع النظام السوري ومحاولتها تحسين علاقاتها معه.
وأوضح الخبير الاستراتيجي “طه أوزهان”، في مقال له تحت عنوان “ما الذي تسعى إليه الولايات المتحدة الأمريكية في سورية؟”، أن واشنطن التي عملت على تحسين علاقتها مع النظام السوري، عقب حربها الديمقراطية “التضليلية” على العراق، ما كان لها أن تفسد هذه العلاقات مع ذلك النظام الذي حفظ لها أمن ابنتها “المُدللة إسرائيل”، من أجل ثورة شعب يمكن أن يتمخض عنها دولة قوية تهدد مصالحها وابنتها المغنجة في المنطقة.
وقال أوزهان إنه على الرغم من وضع الولايات المتحدة الأمريكية سورية ونظامها في إطار ما يُسمى “محور الشر” أو “المحور الشيطاني” إلا أن الدور التناقض الذي أظهرته من خلال محاولتها تحسين علاقتها مع النظام السوري، هو نفس ذلك الدور الذي تُبديه اليوم تجاه المجازر الإنسانية الهائلة التي يرتكبها النظام وحلفاؤه في سورية.
وأضاف أوزهان “وإن أنكرت الولايات المتحدة الأمريكية محاولتها لتحسين علاقتها مع النظام السوري قبل اندلاع الثورة السورية، لماذا تصر اليوم على حمايته وإبقائه قائم على أصوله؟ في حين أنها “تتشدق” ليل نهار بالديمقراطية والإنسانية وغيرها من المبادئ التي أفشت عن إفلاس سياستها وقيادتها من تبني هذه المبادئ بشكل حقيقي، مشيرًا إلى أن الجميع يعي مدى المكيافيلية والبراغماتية والسياسة الواقعية التي تتمتع بهم القيادة الأمريكية، ولكن لم يكن يُتوقع أن يصل الإفلاس الإنساني الغضيض إلى هذه الدرجة.
على جانب آخر، قال الباحث السياسي “عبد الله مراد أوغلو” أن الولايات المتحدة الأمريكية شكلت على الثورة السورية ضررا أكبر من التدخل العسكري الروسي الذي يتبع سياسة “الأرض المحروقة” لتصفية الثورة والشعب السوريين، حيث أظهرت نفسها، منذ قيام الثورة وحتى الآونة الأخيرة، على أنها الصديق المخلص والأول للثورة والثوار، وكانت دومًا تتحرك بعباءة الداعم صاحب القلب المحروق على ما يحدث في سورية، مما جعل الكثير بما فيهم تركيا، إلى السير خلف خططها، ظنا منهم أنها ستوصلهم إلى الحل الأمثل للأزمة السورية.
ولم يستيقظ هؤلاء إلا بعد سقطوهم بين فكي روسيا على الساحة السورية، حيث أصبحت تركيا وغيرها من الدول المساندة للثورة السورية، عاجزة أو تواجه خطورة التدخل في الأزمة السورية لدعم قوات المعارضة السورية.
وأشار مراد أوغلو، في مقاله “من الحليف؟”، المنشور في صحيفة “يني شفق”، إلى أن التحركات السياسية والدبلوماسية والعسكرية للقيادة الأمريكية خلال الفترة الماضية، أغرت بجميع العناصر الفاعلة المساندة للثورة السورية، وأدارت في أخلادهم أن الولايات المتحدة الأمريكية داعمة، بامتياز ودون أدنى شك، للثورة السورية، وكان من الصعب تخمين النفاق الأمريكي آنذاك، منوّها إلى أن النفاق الأمريكي أضحى ظاهرا للعيان، عشية إعلان الولايات المتحدة الأمريكية دعمها التام لتحركات حزب الاتحاد الديمقراطي المماثل للنظام السوري في ارتكاب الجرائم العنصرية ضد الشعب السوري الأعزل، وبدء عمليات التفاوض مع روسيا لإيقاف إطلاق النار، من خلال الاتفاق على مصالحهما المشتركة، ضاربين الموقفين التركي والسعودي المعارضين لوجود النظام والمنظمات الإرهابية الأخرى في سورية، عرض الحائط.
بدوره، لفت المحلل السياسي “علي حسين باكير” إلى أن النفاق الأمريكي تجلى بأبهى صوره عقب إعلان الولايات المتحدة الأمريكية تأسيس تحالف يضم 64 دولة لمحاربة داعش، تحالف لم يُجني ثمن الاجتماعات التي أجريت من أجله، موضحًا أنه يجب على الدول المساندة للثورة السورية، الحذر من النفاق الأمريكي لمحاربة داعش، والبدء بالتحرك التحالفي الفعلي بعيدًا عن الإدارة الأمريكية الغائصة في واحات النفاق السياسي تجاه الأزمة السورية.
وقال باكير، في مقاله “محور النفاق الإيراني-الأمريكي: تداعيات التحالف ضد “داعش”، أن الولايات المتحدة الأمريكية التي ادعت دعمها للثورة السورية تكرارا ومرارا، تتحرك في سورية والعراق، بشكل يعارض المصالح التركية العربية، وتدعم التحرك الإيراني، حيث لم تتفوه بأي اعتراض على التحركات الإيرانية والروسية البائنة في سورية، ولكن طالبت وما زالت تطالب تركيا وغيرها من الدول المساندة للثورة السورية، التحلي بضبط النفس فيما يتعلق بمسألة التعاطي مع القضية السورية! موضحًا أن هناك تكامل وتبادل للأدوار بين أمريكا وإيران في سورية، ودلائل هذا التكامل أصبحت واضحة بشكل لا يستعصي على أحمق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *