(بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ)

 

قال تعالى: “بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ”.

قال ابن عاشور في التحرير والتنوير: قوله: {يريد الإِنسان} يجوز أن يكون إخباراً عما في نفوس أهل الشرك من محبة الاسترسال فيما هم عليه من الفسق والفجور.

ويجوز أن يكون استفهاماً إنكارياً موافقاً لسياق ما قبله من قوله: {أيحسب الإِنسانُ أنْ لن نجمع عظامه} [ القيامة:3].

وأعيد لفظ {الإِنسان} إظهاراً في مقام الإِضمار لأن المقام لتقريعه والتعجيب من ضلاله.

وكرر لفظ {الإِنسان} في هذه السورة خمسَ مرات لذلك، مع زيادة ما في تكرره في المرة الثانية والمرتين الرابعة والخامسة من خصوصية لتكون تلك الجمل الثلاث التي ورد ذكره فيها مستقلة بمفادها.

واللام في قوله: {ليفجر} هي اللام التي يكثر وقوعها بعد مادتي الأمر والإِرادة نحو {وأمِرْتُ لأَعْدِلَ بينَكم} [الشورى:15] {يُريد الله ليُبيِّنَ لكم} [النساء:26] وقول كُثيِّر: أريد لأَنْسَى حُبَّها فكأنَّما … تَمَثَّلُ لي ليلى بكُل مكان اهـ.

وجاء في تفسير ابن جزي: وليفجر: معناه: ليفعل أفعال الفجور، وفي معنى أمامه ثلاثة أقوال:

أحدها: أنه عبارة عما يستقبل من الزمان، أي: يفجر بقية عمره.

الثاني: أنه عبارة عن اتباع أغراضه وشهواته، يقال: مشى فلان قدامه إذا لم يرجع عن شيء يريده، والضمير على هذين القولين يعود على الإنسان.

الثالث: أن الضمير يعود على يوم القيامة، والمعنى يريد الإنسان أن يفجر قبل يوم القيامة. اهـ.

وفي فتح القدير للشوكاني: والمعنى: بل يريد الإنسان أن يقدم فجوره فيما بين يديه من الأوقات، وما يستقبله من الزمان، فيقدم الذنب ويؤخر التوبة، قال ابن الأنباري: يريد أن يفجر ما امتد عمره، وليس في نيته أن يرجع عن ذنب يرتكبه، قال مجاهد، والحسن، وعكرمة، والسدي، وسعيد بن جبير: يقول: سوف أتوب ولا يتوب حتى يأتيه الموت، وهو على أشر أحواله، قال الضحاك: هو الأمل، يقول: سوف أعيش وأصيب من الدنيا، ولا يذكر الموت، والفجور: أصله الميل عن الحق، فيصدق على كل من مال عن الحق بقول أو فعل. اهـ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *