جديد الكتب
كتاب “الحريات الفردية: تأصيلا وتطبيقا”، لصاحبه الدكتور الحسين الموس، منشورات دار الكلمة، الطبعة الأولى، 2019؛ كتاب مهمّ في بابه. افتتحه د. الحسين الموس ب”تأصيل الحريات الفردية”، بتعريفها لغة واصطلاحا، ثم بتتبع أصلها في القرآن والسنة، وبذكر علاقتها بمقاصد الشريعة الإسلامية… وغير ذلك.
في المحور الثاني، ناقش صاحب الكتاب الحريات الفردية في علاقتها ببعض تفاصيل العقائد والعبادات. أما في المحور الثالث، فقد اختار د. الموس أن يناقش تجليات الحريات الفردية في “أحكام الأسرة والعلاقة بين الزوجين”. وفي كل هذا، كانت لصاحب الكتاب عدة تأملات، خاض بها غمار بعض تفاصيل أحكام الشريعة الإسلامية، وبحث من خلالها عن وجود بوادر للحريات الفردية في هذه الأحكام.
مكتبتك في تاريخ المغرب
يحاول الدكتور عبد القادر عافية، في كتابه “المغرب والجهاد التاريخي”، استعراض أهم ملاحم التاريخ المغربي، من “معركتي الزلاقة ووادي المخازن” إلى “المسيرة الخضراء”. فكان كتابه بمثابة عرض بانورامي لفصول مهمة من تاريخ المغرب. وجاءت محاور الكتاب كما يلي:
– المغرب في مواجهة المدّ الصليبي: الزلاقة ووادي المخازن.
– تحرير السواحل المغربية في عهد المولى إسماعيل.
– جهود سيدي محمد بن عبد الله في النهوض بالبلاد وتحرير السواحل.
– مواجهة الجهاد في عهد السلطان المولى سليمان.
– جهود المولى عبد الرحمان بن هشام في نشر الوعي والدفاع عن سيادة المغرب.
– مظاهر اليقظة في عهد سيدي محمد بن عبد الرحمان بن هشام.
– جهود المولى الحسن الأول في مواجهة التآمر الأجنبي.
– انتصار محمد الخامس في معركة التوعية والتحرير.
– المسيرة الخضراء إلهام رباني وتدبير حسني.
فنون: النقد الإيديولوجي السينمائي
أفلام هشام العسري: اللامعنى في قالب سينمائي (3)
كان لهذه السلسلة أن تكمل طريقها في نقد أفلام المخرج هشام العسري، إلا أن ما صرح به هذا الأخير في حوار له “مع الرمضاني”، على القناة الثانية؛ يطلب بعض النقد. وهو ما سيبين للقارء، بما لا يدع مجالا للشك، أن “العدمية والعبثية واللامعنى” التي وصفنا بها “الخط المرجعي” لهشام العسري، ليست ادعاء في حقه. في حواره الأخير، استوقفتنا ثلاث مقولات للعسري:
– إنسان الكون: ينصحنا العسري بالتخلص من الخصوصيات، لنصبح عالميين وكونيين. كذلك هو، وكذلك ينبغي أن نكون. إنه استدعاء لـ”الإنسانوية” لتكون قناعا ل”هيمنة النموذج الغربي الرأسمالي”، والحقيقة غير ذلك تماما. لا ينكر أحد “عالمية الإنسان” في “جهازيه البيولوجي والسيكولوجي وقواعد التاريخ”، ولكننا ننكر أن تستلزم هذه “العالمية” “انتفاء الخصوصية”.
– استفزاز تصور العورة: ظل المسلمون يعتبرون جسد المرأة عورة، إلى أن جاء هشام العسري. فهو من سيعري الرجل (سيظهره شبه عارٍ)، لتكتشفوا أن له عورة أيضا. ومن شرّ البلية ما يضحك! فلا هي العورة خاصة بالرجل وحده، ولا ما يهتم به العسري هو من الإشكاليات التاريخية للمغاربة. يقارن العسري نفسه بغاليلو وبرونو وكوبرنيك، وهو من البلايا التي تضحك أيضا! هؤلاء وضعوا الأسس الأولى للعلم الدقيق، أما العسري فهو يضع اليوم الأسس الأولى ل”تعرية العورات”.
– لكل فنّ جمهوره: نحن نريد جمهورا واحدا، مرتبطا بإشكالياته التاريخية، مقتربا من الوعي بقضايا وطنه وأمته، مدافعا عن الثقافة الوطنية للمغاربة (الدين الإسلامي، اللغة العربية، قيم الأسرة…)… وغيرها؛ فيما يريد العسري أصنافا من الجماهير، جمهورا مفكَّكا، لا قضية له إلا الاستمتاع (معرفيا أو جنسيا، كلاهما شهوة). لا اهتمام للعسري بإشكالياتنا التاريخية وقضايانا الحقيقية، فهو لا يرى إلا نفسه وما ينسجم مع متطلباته وقناعاته. “أنانية” هو نفسه اعترف بها، ولكنها تقتحم علينا فضاءاتنا دون وعي منا ولا طلب ولا اختيار. فتذوب إشكالياتنا في “أنانية” فرد، جعل من ذاته “مركز الكون”.
… (يتبع)
نافذة على مشروع فكري:
عبد الوهاب المسيري (4)
هناك “مصطلحات قريبة الصلة بالعلمانية”، يقف عندها المسيري بالتفكيك والتركيب. تلك هي مصطلحات: التطبيع، التحييد، التعاقدية، الحوسلة، التكنوقراطية، العقل الأداتي، التسلع، التوثن، التشيؤ، الاغتراب، التنميط، الإنسان ذو البعد الواحد، نهاية التاريخ.
– التطبيع: “بمعنى رد الظواهر إلى الطبيعة/ المادة أو إلى القانون الطبيعي، باعتباره مرجعية نهائية كامنة وقانونا عامّا يسري على كلّ من الطبيعة المادية والطبيعة الإنسانية لا يفرق بين أحدهما والآخر”. (ص 130)
– التحييد: أي أن “يصبح العالم مادة محضا لا تحوي غرضا ولا غاية ولا هدفا ولا معنى ولا مركزا، ولا علاقة لها بعالم القيم الدينية والأخلاقية والإنسانية أو أية معيارية”. والتحييد ناتج عن التطبيع، كما يذكر المسيري. (ص 130)
– التعاقدية: وهي “تحول العلاقات من علاقات إنسانية تراحمية لا تخضع تماما لحسابات الربح والخسارة، إلى علاقات تعاقدية مضبوطة، أو خاضعة للتفاوض”. (ص 131)
– الحوسلة: وهي “تحويل الشيء إلى وسيلة”، ومن ثم تحويل الإنسان إلى وسيلة، أو العمل على ذلك في المجتمعات العلمانية. (ص 131).
– البيروقراطية: بما هي “ظاهرة متفشية في المجتمعات الحديثة، تتم فيها إدارة المجتمع من خلال نماذج بيروقراطية كمية لا تكترث كثيرا بخصوصيات الأفراد وسماتهم المتعينة”. (ص 132)
– العقل الأداتي: نقيض “العقل النقدي”، وهو (العقل الأداتي) “العقل الذي يلتزم، على المستوى الشكلي، بالإجراءات دون هدف أو غاية”. (ص 134)
– التسلع: أن “تصبح السلعة وعملية تبادل السلع هي النموذج الكامن في رؤية الإنسان للكون ولذاته ولعلاقاته مع الآخر والمجتمع”. (ص 139-140)
– التشيؤ: أن تستحيل “العلاقات بين الأشخاص علاقات بين الأشياء”، وأن ينظر الإنسان لذاته كشيء. (ص 140)
– التوثن: أن تتحول “السلع وكل المطلقات العلمانية إلى وثن”، “فتتجاوز الإنسان وتصبح مرجعيته النهائية”. (ص 141)
– الاغتراب: ومعناه “نقص وتشويه وانزياح عن الوضع الصحيح”. (ص 142)
– التنميط: أن “تصبح المنتوجات الحضارية متشابهة بسبب الإنتاج السلعي الآلي الضخم، ما يؤدي إلى التشابه في أسلوب الحياة العامة والخاصة”. (ص 142)
– الإنسان ذو البعد الواحد: أي “الإنسان البسيط غير المركب”، وهو نتاج “المجتمع الحديث، مجتمع ذي بعد واحد يسيطر عليه العقل الأداتي والعقلانية التكنولوجية، شعاره بسيط جدا هو التقدم العلمي والصناعي والمادي، وتعظيم الإنتاجية المادية، وتحقيق معدلات متزايدة من الوفرة والرفاهية والاستهلاك”. (ص 144)
– نهاية التاريخ: “عبارة تعني أن التاريخ سيصل إلى نهايته في لحظة ما، فيصبح سكونيا تماما، خاليا من التدافع والصراعات والثنائيات والخصوصيات، إذ أن كل شيء سيرد إلى مبدأ عام واحد يفسر كل شيء”. (ص 147)
يحدد عبد الوهاب المسيري، في التعاريف أعلاه، مصطلحات يزعم أنها متعلّقة ب”العلمانية”. وذلك مفهوم في نموذجه التفسيري، الذي يدخل كل عناصر “النظام الاجتماعي الرأسمالي” تحت مسمى “العلمانية الشاملة”. والحقيقة أنها ظواهر وليدة “الرأسمال” في الأصل، والمسيري نفسه يقرّ بذلك كلما بحث في أصولها الاجتماعية. أضف إلى ذلك، أن النموذج التفسيري للمسيري لا يخلو من استعمالات ذات أصول في مدرسة “نقد الاقتصاد السياسي البورجوازي”. يجعلها طوع خطابه (أدلوجته)، والعكس هو ما يجب أن يقع.