الكاسيات العاريات في أحاديث الموطأ

 

 

مالك عن مسلم بن أبي مريم عن أبي صالح عن أبي هريرة أنه قال: “نساء كاسيات عاريات. مائلات مميلات لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وريحها يوجد من مسير خمسمائة سنة“.

صحيح موقوفا وله حكم الرفع وقد أخرجه مسلم من طريق جرير عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا.

مالك عن يحي بن سعيد عن أبي شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام من الليل فنظر في أفق السماء فقال: “ماذا فتح الليلة من الخزائن؟ وماذا وقع من الفتن؟ كم من كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة. أيقظوا صواحب الحجر“. صحيح مرسل وقد وصله البخاري.

وقال : «صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا» ([1]).

قال الإمام ابن عبد البر: “أراد النساء اللواتي يلبسن من الثياب الشيء الخفيف الذي يصف ولا يستر، فهن كاسيات بالاسم، عاريات في الحقيقة” ([2]).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: “وقد فسر قوله: «كاسيات عاريات» بأن تكتسي ما لا يسترها، فهي كاسية، وهي في الحقيقة عارية، مثل أن تكتسي الثوب الرقيق الذي يصف بشرتها، أو الثوب الضيق الذي يبدي تقاطيع خلقتها، مثل عجيزتها وساعدها ونحو ذلك، وإنما كسوة المرأة ما يسترها، فلا تبدي جسمها ولا حجم أعضائها لكونه كثيفا واسعا” ([3]).

وعن هشام بن عروة أن المنذر بن الزبير قدم من العراق فأرسل إلى أسماء بنت أبي بكر بكسوة مروية وقوهية ([4]) رقاق عناق بعدما كف بصرها، قال: فلمستها بيدها ثم قالت: أف ردوا عليه كسوته.

قال: فشق ذلك عليه، وقال: يا أُمّاه إنه لا يشف. قالت: إنها إن لم تشف؛ فإنها تصف ([5]).

ففيه إشارة إلى أن كون الثوب يشف أو يصف؛ كان من المقرر عندهم أنه لا يجوز، وأن الذي يشف شر من الذي يصف.

‏وقد عقد ابن حجر الهيتمي في كتابه «الزواجر» بابا خاصا في لبس المرأة ثوبا رقيقا يصف بشرتها وأنه من الكبائر، قال: ‏

“وذِكرُ هذا من الكبائر ظاهر؛ لما فيه من الوعيد الشديد” ([6]).

 

 

([1]) رواه مسلم (2128).  ‏

([2]) التمهيد (3/591 – فتح البر) وفي خاتمة هذا الكتاب شرح عام للحديث.‏

([3]) الكواكب الدراري (13/132) نقلا عن الجلباب (ص 151).‏

([4]) مروية نسبة إلى مرو، وهي قرية بالكوفة. قوهية نسبة إلى قوهستان، ناحية بخراسان، كما في الأنساب للسمعاني.‏

([5]) أخرجه ابن سعد (8/184) بإسناد صحيح.‏

([6]) الزواجر عن اقتراف الكبائر (2/37‏).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *