من تأمل حالنا مع القرآن العظيم يجد فرقا شاسعا بين ما نحن فيه وما يجب أن نكون عليه، إهمال في القراءة والترتيل والتلاوة، وتكاسل عن الحفظ والمراجعة، وغفلة عن التدبر والعمل ..
والأسوأ من ذلك أن كثيرين يضيعون أوقاتهم في القيل والقال، والاشتغال بسفاسف الأمور، ولا يجدون لكتاب الله في أوقاتهم نصيبا ..
وآخرون يشعرون برغبة في العيش مع القرآن، لكن يقرؤونه ولا يحسنون النطق بألفاظه ولا تدبر معانيه وفهم مراده، فيمرون على الآيات التي طالما بكى منها الباكون وخشع لها الخاشعون، فلا ترق قلوبهم، ولا تخشع نفوسهم، ولا تدمع عيونهم، فلا يتفاعلون معها وكأن أمرها لا يعنيهم..
وبعضنا يكرر آيات مرارا ولا يكلف نفسه البحث عن معانيها ..
فما معنى الصمد؟ وما معنى غاسق إذا وقب؟ ما معنى الخناس؟ وما معنى سجيل؟
كل ذلك يشكل أنواعا من الهجران الذي اشتكى منه رسول الله صلى الله عليه وسلم: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا} [الفرقان: 30]
وفي هذه الحال يكون القرآن حجة على الإنسان:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “والقرآن حجة لك أو عليك” رواه مسلم.
أما إذا أراد أن يكون حجة له وبركة في حياته؛ فعليه أن يقبل عليه تلاوة وتأملا وعملا:
قال صلى الله عليه وسلم: “اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه” رواه مسلم .
قال عبد الله بن مسعود: “من أحب أن يعلم أنه يحب الله فلينظر إلى القرآن، فإن كان يحب القرآن فإنه يحب الله ورسوله”.
وقال عثمان: “لو طهرت قلوبنا ما شبعنا من كلام ربنا”.
فلنعد إلى كتاب الله ما دمنا في زمن الإمكان والقدرة على التوبة والاستغفار، ولنتب إلى الله توبة نصوحا من تقصيرنا في حق كتابه وتفريطنا في أداء حقوقه والقيام بواجباته .