موجة الغلاء والاحتقان الاجتماعي.. نصيحة موجّهة للحكومة محمد زاوي

 

يجب التمييز، في الحديث عن أسباب ارتفاع أسعار عدد من المواد الغذائية، بين ثلاثة أصناف من الناس:

– صنف يفهم لغة الاقتصاد والعلاقات الدولية، فيضطر إلى التماس العذر لإدارة الدولة في سياسة تدبيرها لارتفاع الأسعار، في شرط عالمي استثنائي.

– وصنف لا يفهم كل ذلك، يحتك بالبقال والتاجر بشكل مباشر، لا يعرف في الاقتصاد إلا إجراء نوع من الموازنة بين راتبه ونفقات البيت. وهذا يكون أكثر قابلية للتأثير فيه، وللتوظيف على النقيض من الاستقرار.

– صنف يؤسس خطابه السياسي على “البؤس والفاقة”، ويغتنم كل فرصة لتوجيه عامة الناس إلى الاحتجاج، ونقلهم شيئا فشيئا من المعطى البسيط: “ارتفاع الأسعار”، إلى المعطى الأشد تعقيدا: “السبب هو سياسات دولة”. بعض هؤلاء محترَمون على قلتهم، وإن أخطأوا التقدير والفهم؛ والبعض الآخر رهين خطابه السياسي الكلاسيكي، وقد يكون صاحب أجندة مناقضة لاستقرار المغرب، دولة ومجتمعا.

وهكذا، فإن “ارتفاع الأسعار” يبقى معطى قابلا للتأويل في اتجاهين: في اتجاه قول الحقيقة والتعامل معها بالحكة اللازمة، وفي اتجاه الإيهام وإيقاظ “الفتن النائمة” وتكبير “كرة الثلج” بباطل.

لهذا وذاك، وجب على الحكومة أن تعزز الاتجاه الأول، اتجاه قول الحقيقة والتعامل معها بالحكمة اللازمة، ولا يتم ذلك إلا من خلال:

– وعي الحكومة بالأسباب الحقيقة لارتفاع الأسعار، بما فيها تلك الداخلية، التي تؤثر عرضا، وإن لم تؤثر بشكل أساسي، فحسم عروقها يخفف من حدة المشكل.

– شرح تلك الأسباب للناس، أو بعضها، باعتبار ما تفهمه كل فئة على حدة، فالمغاربة قادرون على التضحية والعطاء والتماس العذر للحكومة إذا عرفوا اضطرارها، واكتشفوا أجندة من يدلس عليهم تحت قناع “الدفاع عن مصالحهم”.

– اتخاذ قرارات استثنائية خاصة بهذه الظرفية، حيث ارتفاع الأسعار وشح الأمطار، حتى يعود التوازن العادي، أو شبه العادي على الأقل، للسوق الداخلية، وكذا للمعيش اليومي للمواطنين.

إن الثلاثي الصعب، والذي يجب الحذر منه، هو ثلاثي: التغيرات الطارئة/ الصمت أو ضعف التواصل/ ضعف الفعل أو غيابه. هناك من يراهن على هذا الثلاثي لتسميم تفكير المغاربة، وفرض خطاب سياسي دخيل عليهم، وتوظيفهم على النقيض من المصالح العليا لدولتهم مستغلا بساطة وعيهم وقلة يدهم.

إذن، وجب الحذر. والحكومة مسؤولة عن عيش المغاربة، كما هي مسؤولة عن استقرارهم وأمنهم الاجتماعي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *