ما تعليقكم على ارتفاع نسبة البطالة في المغرب، بحسب ما أورده تقرير أخير للمندوبية السامية للتخطيط؟
أظن أن ارتفاع نسبة البطالة شيء وارد، لأسباب متعددة مرتبطة أساسا بالجائحة وما خلفته من انعكاسات على المستوى الاقتصادي والاجتماعي. ثم بعد الجائحة، وفي الوقت الذي كان الاقتصاد في العالم يعرف انتعاشا، في المغرب حدث العكس، بخصوص السنة الحالية التي هي سنة جفاف. ونحن نعرف أن الفلاحة لها دور كبير على مستوى التشغيل، فالقطاع الفلاحي يساهم بما يناهز تقريبا 40 في المئة من مجموع المناصب المتوفرة، ومع الجفاف هناك إشكال على مستوى العمالة القروية.
هناك كذلك قطاعات لم تستطع استرجاع عافيتها بسرعة لأنها عانت كثيرا من الجائحة، وأخص بالذكر هنا السياحة والصناعة التقليدية والنقل. فنظرا لهذه الأسباب كلها، أظن أنه كان من الطبيعي أن تعرف نسبة البطالة ارتفاعا.
هل لارتفاع نسبة البطالة بالمغرب علاقة بالأزمة الاقتصادية العالمية؟
فيما يتعلق بربط البطالة بالأزمة العالمية، أظن أن البطالة أولا وقبل كل شيء أمر داخلي، أشرت إلى هذا في السؤال الأول، هناك ظروف معينة ساهمت إلى حد ما في ارتفاع نسبة البطالة. وما يلاحظ هو أنه ربما ما يعيشه الاقتصاد العالمي من تباطؤ نتيجة عوامل متعددة، نخص بالذكر الحاجة إلى بعض قطع الغيار، الحاجة إلى ما يعرف ببعض المواد الإلكترونية التي يحتاج إليها قطاع السيارات؛ هذا التباطؤ ربما قد تكون له انعكاسات، ولكن غير مباشرة دون أن يكون هذا هو السبب الرئيسي.
الاقتصاد المغربي بصفة عامة، كما نعرف، اقتصاد مركب، اقتصاد لا يستوعب كل اليد العاملة التي تلج سوق العمل. فلا بد أن ننتبه إلى شيء أساسي، فالاقتصاديات الموازية للاقتصاد المهيكل هي التي ساهمت إلى حد كبير في الحد أو التخفيف من ارتفاع نسبة البطالة. فمثلا، إذا أخذنا القطاع غير المهيكل، فهو يساهم بمليونين وخمسمئة ألف عامل، وهذا شيء مهم. فلو أن المغرب لم يكن يتوفر على مثل هذا القطاع، أظن أن نسبة البطالة كانت ستكون مرتفعة جدا.
كيف يجب أن تتعامل الحكومة المغربية مع ارتفاع نسبة البطالة، في ظل أزمة سياسية واقتصادية عالمية؟
في الحقيقة، البطالة مرتبطة بالمرجعية الفكرية والإيديولوجية للسياسات العمومية من جهة، فنحن نعرف أن الدولة تعتبر بأن التشغيل ليس من مهامها، وتعتبر بأن المقاولة هي التي تشغل في الأصل. وهذا في نظري غير صحيح مئة بالمئة، لأن التشغيل مصدره التوزيع الاجتماعي للعمل على مستوى أي مجتمع من المجتمعات الإنسانية، وهذا التوزيع مرتبط أساسا بحاجيات المجتمع. ونحن نعرف أن حاجيات المغرب من الأطباء والممرضين والأساتذة، إلى غير ذلك، كبيرة جدا. ولكن بالنظر إلى السياسة المتبعة من طرف الدولة فهي إلى حد الآن تعتبر أنه ليس من مهامها التشغيل.
في حين، على مستوى المقاولة، نلاحظ أن أكثر من 95 في المئة من المقاولات في المغرب هي مقاولات صغيرة جدا وصغير، بمعنى أنها لا تشغل بما يكفي. وتبقى القطاعات المهيكلة والمقاولات المتوسطة والكبيرة هي المصدر الأساسي للشغل، مثلا قطاع الأبناك أو الشركات الكبرى (شركات الإسمنت)… الخ.
بالنسبة للبطالة، يجب ألا ننظر إليها من زاوية واحدة، يجب تفكيك هذه النسبة، لنلاحظ أن نسبة البطالة عند حاملي الشهادات هي نسبة مرتفعة جدا، تتجاوز 20 في المئة. بمعنى أن المقاولات المغربية تنتج قيمة مضافة ضعيفة جدا.
الإشكال في الحقيقة هو إشكال في الاقتصاد، كما لاحظتم على مستوى الحواب على السؤال الثاني، والإشكال أيضا في منظور الدولة ودورها في التشغيل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
* محمد شيكر: خبير اقتصادي