تعتبر القضية الفلسطينية ضد العدو الصهيوني المحتل قضية أمة الإسلام، ومن هذا المنطلق يرفض كل المسلمين أي شكل من أشكال التطبيع مع هذا الكيان اللقيط، سواء كان على مستوى التعاون الاقتصادي أو العسكري أو تبادل المعارف والخبرات، أو أي تعاون يضفي صفة الاعتراف بهذا العدو، لأن في ذلك طمسا للهوية الإسلامية لأرض فلسطين واعترافا بالحقوق الموهومة للكيان الصهيوني في أرض الميعاد لـ”شعب الله المختار” المزعوم.
وفي إطار التطبيع الذي ينتهجه بنو علمان، قام مؤخرا المدعو أحمد الدغرني الأمين العام للحزب الأمازيغي الديمقراطي (الذي تطالب وزارة الداخلية بحله، بحجة تأسيسه على نزعة عرقية) بزيارة للكيان الصهيوني بصحبة أربعة من رفاقه للمشاركة في ندوة عالمية نظمتها منظمة الأمن والتعاون الأوروبي في تل أبيب من 17 إلى 19 دجنبر 2007م تحت شعار مناهضة عدم التسامح والميز العنصري وإنعاش الاحترام المتبادل والتعاون بين الشعوب وذلك بمشاركة 57 دولة، كما تميز اللقاء بحضور رسمي للاتحاد الأوروبي.
واعتبر الدغرني زيارته للكيان الصهيوني أمرا عاديا بحكم أن إسرائيل معترف بها من طرف جميع الدول على حد زعمه، بالإضافة إلى أنه لا يكن لإسرائيل أي عداء وهو ما يفسر دعوته لإنشاء جمعية سوس العالمة للصداقة الإسرائيلية، ففي حوار سابق له مع “الجزيرة نت” قال فيه: “والذي هو مؤكد أن مجموع أطر التنظيمات والجمعيات الأمازيغية والشباب الأمازيغي لا يكنون أية عداوة لليهود أو لإسرائيل، ويعرف الجميع أن العلاقات بين اليهود والأمازيغ كانت دائما أخوية ومتينة، ويسودها التعاون”.
ومما صرح به في شأن زيارته أنه قال: “إنما كانت بحثا عن دور ثالث يمكن أن يلعبه الأمازيغ لحل الصراع العربي-اليهودي”.
وأكد أنه “لو كان حيا عام 1948م وكان هنالك طرف أمازيغي قوي لتم حل الإشكال قبل أن يستفحل ويصل إلى هذا الحد من الصراع”.
وفي كلام هذا النكرة عند جل الأمازيغ الأحرار من التبعية الماسونية عدة مغالطات، منها:
أولا- قوله: “الندوة كانت تحت شعار مناهضة عدم التسامح والميز العنصري..”، وكأن الأحزاب اليمينية المتطرفة التي قامت بعدة جرائم ضد الشعب الفلسطيني (والتي كان من أبشعها جريمة المسجد الإبراهيمي حيث قتل المتطرف الصهيوني الطبيب “باروخ جولدشتاين” 29 وإصابة 300 مسلم) وكذا الجدار الفاصل وما يعيشه عرب ونصارى الداخل من ميز عنصري هو من مظاهر التسامح والتعايش، ولكن هذه المظاهر الجلية للحرب الصهيونية على الفلسطينيين لا يخفى إلا على من طبع على قلوبهم من جراء تشربهم للفكر العلماني النفعي الذي لا يومن بدين ولا هوية إلا إذا كانت تدر مصلحة وربحا، وما تعصب الدغرني للأمازيغية إلا لكونه مصدرا يغتني منه، أما صداقته للكيان الصهيوني فيستجدي من ورائها الدعم المادي والحماية له ولحزبه..
ثانيا- قوله: “إن جميع أطر التنظيمات والجمعيات الأمازيغية لا يكنون أية عداوة لليهود”، وجمعية سوس العالمة أعلنت استنكارها فور الإعلان عن محاولة تأسيس جمعية الصداقة التي دعا إليها الدغرني..
ثالثا- قوله: “إن إسرائيل معترف بها من طرف جميع الدول”، وهذا كذب صراح على الدول الإسلامية التي ترفض الاعتراف بالكيان اللقيط..
وللعلم فـ:
– حرب المسلمين مع الكيان الصهيوني هي حرب دينية ولو أن العلمانيين في فلسطين يريدونها حربا قومية، وهذا ما يريده الدغرني القومي والمتعصب لعرقه الأمازيغي..
– وجود طرف أمازيغي (علماني) لا يزيد الصف إلا شرخا، ولا النزاع إلا تذكية، ولعل الدغرني كان يحب نجاح سياسة الظهير البربري التي انتهجها المحتل الفرنسي لإضعاف صف المقاومة، لأن نجاحها كان كفيلا بوجود طرف أمازيغي في الصراع العربي-الأجنبي..، لكن الأمازيغ الأحرار كانوا دائما ضد السياسات التي تخدم مصالح المعسكر النصراني-الصهيوني في تمزيق جسد الأمة الإسلامية..
وإذا كانت تلك نواياك من الزيارة:
فلماذا العشاء مع وزيرة خارجية الدولة الصهيونية “تسيبي ليفني” في مقر وزارتها؟
ولماذا الدفاع على المنابر العلمانية الهدامة كالمجلة الفرنكفونية “تيل كيل”؟
ولماذا الهجوم على النصوص الدينية التي احتفظت بها وزارة التربية الوطنية في بعض المقررات الدراسية، خصوصا وأن كتب التربية الإسلامية لم تعد تدندن إلا حول التعايش والتسامح؟
إن إلغاء العداء بين المسلم والكافر خصوصا المحارب كالصهاينة هو مبدأ من مبادئ العلمانية -التي تريد نسف أصل الولاء والبراء عند المسلمين-، وهو الذي ينطلق منه الدغرني في حبه لإسرائيل والتطبيع معها وينسى أو يتناسى حق الفلسطيني الذي يعيش بين فوهات مدافع وأجنحة طائرات ودخيرة بنادق العدو الصهيوني، والمفارقة الغريبة عند الدغرني الذي يعيش في مغرب إسلامي هي نصحه للمغاربة المنحدرين من أصل عربي: “بالرجوع إلى صحرائهم حاملين معهم كتابهم المقدس القرآن..، ولغتهم المتخلفة (العربية) لأن الإسلام بمجيئه كرس نظام العبودية والاستغلال، واعتبر برابرة الشمال الإفريقي مواطنين من الدرجة الثانية، بينما ليس كل الأمازيغ مسلمين..” (نيشان عدد7)، فهل هذا هو التسامح الذي تتشدق به في علاقتك باليهود؟ أفمتسامح صديق لليهود ، وللعرب المسلمين عدو لدود!
ثم إن علمانيتك تمنعك من دعوتك للقومية الأمازيغية التي جعلتها قضية وجودك فتستغلها لتحقيق مصالحك، وفرض رأيك المأفون حتى عداك القريب والبعيد، وهذا الأمر يظهر تعصبك القومي وكرهك للعرب، وهو ما يفسر كذلك انفتاحك على الكيان الصهيوني وولاءك له.
وفي تصريح لك لـ”الجزيرة نت” قلت أن: “مصدر القلاقل الحقيقي هو الطموحات السياسية الرامية إلى إنشاء دولة الخلافة”، ودولة الخلافة إنما تقوم على أساس ديني إسلامي، ومن شروط الخليفة القرشية (يعني أن يكون عربيا)، وهو ما لا يمكن أن تقبله يا أمازيغي، لأنك ببساطة تكره العنصر العربي، فتسبب لك ذلك في اتخاذ موقف من إسلام العرب، وكتابهم المقدس الذي أنزله الله تبارك وتعالى بلسان عربي مبين.
وقل للعيون العمي للشمس أعين سواك تراها في مغيب ومطلع
وسامح نفوسا أطفأ الله نورها بأهوائها لا تستفيق ولا تعي