الحمد لله وبعد:
فإن ديننا هو دين الرحمة للإنسان والحيوان وكل ذي كبد رطبة، كما قال النبي – صلى الله عليه وسلم -، بل هو رحمة لكل من في الأرض.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: “الراحمون يرحمهم الرحمن. ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء” وقد بُعِث نبينا صلى الله عليه وسلم بالرحمة العامة، كما قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} وقد أمر الله سبحانه وتعالى بالإحسان فقال تعالى: {وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القِتلة. وإذا ذبحتم فأحسنوا الذِّبحة، وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته”.
وقد غفر الله لبَغيٍّ ممن كان قبلنا بسبب كلب رأته يلهث من العطش فسقته فغفر الله لها.
وعُذِّبتْ امرأة بالنار بسبب هرَّة حبستْها فلا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض.
وقال صلى الله عليه وسلم: “يا عباد الله الصلاة، الصلاة وما ملكت أيمانكم”.
وقال تعالى: {وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا}.
ونصوص الكتاب والسنة وأعمال المسلمين في هذا الباب كثيرة لا تحصر مما لا يوجد له نظير في دين من الأديان.
فديننا دين الإحسان الشامل جاء لإخراج الناس من الظلمات إلى النور، ومن عبادة العباد إلى عبادة الله.
ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام.
وهو الذي أعزنا الله به، كما قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “نحن أمة أعزنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العز بغيره أذلنا الله”، فكل خير هو في هذا الدين.
فلماذا نتنكر له ونعتزي للإنسانية فنجعل أعمالنا نحو المحتاجين من أجل الإنسانية، ونقول هذا عمل إنساني، ولا نقول: هذا عمل إسلامي.
إن هذا يقلل من أهمية الإسلام ويهمل جانباً كبيراً من جوانب الدعوة إليه بما فيه من الرحمة للبشرية؛ فليكن اعتزاؤنا إلى الإسلام واعتزازنا به؛ فإنه هو دين الإنسانية الحقة.
ليست الإنسانية فيمن ينتمي إليها وهو يدمّرها.
فالذي يدعو إلى الكفر والشرك هذا ضد الإنسانية.
والذي يدعو إلى الحكم بغير ما أنزل الله هذا ضد الإنسانية.
والذي يشرِّد الشعوب ويسفك الدماء ويحزِّب الممالك والممتلكات هذا ضد الإنسانية.
إن الإنسانية الحقّة في الإسلام الذي جاء والإنسانية في جاهلية جهلاء، وضلالة عمياء يأكل قويهم ضعيفهم، ولا يرحم غنيهم فقيرهم، فأخرجهم الله بهذا الإسلام من الظلمات إلى النور، ومن الجهل إلى العلم، ومن الشرك إلى التوحيد، ومن الظلم والجور إلى العدل، ولا يُصلِح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها.
فليكن انتسابنا إليه واعتزازنا به.
وفق الله الجميع للتمسك بالإسلام..
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.