1-الزلازل والتفسير العلمي
تقدمت العلوم الدقيقة والعلوم التقنية بخطوات كبيرة، إلا أن حدودها لم ترتفع بعد. ليس في مسائل الزلازل وحدها، بل في مسائل أخرى من قضايا الفيزياء والكيمياء والكونيات والجيولوجيا والبيولوجيا، الخ.
توصّل العلم إلى تفسير الزلازل فيزيائيا وجيوفيزيائيا، باعتبارها ظاهرة جد معقدة، ومركبة مما هو جغرافي وفيزيائي.. تحدث نتيجة “إزاحة إما عمودية وإما أفقية بين صخور باطن الأرض”، ما يسبب بؤرة مكان الإزاحة تنتج عنها تموجات وهزات في مستويات مختلفة من القشرة الأرضية، وعلى مسافة محددة تعبر عن مدى الهزة.
ومما توصل إليه العلم أيضا، الكشف عن بعض أسباب الزلازل، وهي إما طبيعية وإما بشرية. وتبقى الأسباب الطبيعية عصية عن الرصد بحكم تكونها التلقائي في الطبيعة، أما البشرية فهي ناتجة عن تدخل الإنسان وتأثيره على القشرة الأرضية.
2-لماذا لا يتنبأ العلم بحدوث الزلازل؟
أكدت مجلة “فوربس” الأمريكية أن “العلماء يعجزون عن تحديد موعد حدوث الاهتزازات الأرضية بشكل مسبق، كما أنهم لا يستطيعون تحديد وقت وصول الزلزال إلى ذروته بشكل دقيق”.
والسبب في ذلك، حسب ما ذكره موقع “سبوتنيك نيوز”، أن “العلماء ببساطة غير قادرين على التنبؤ بالطريقة التي ستستجيب بها الصخور للحرارة والضغط الهائل في باطن الأرض”.
ومن الأسباب أيضا أن “عملية الحفر في باطن الأرض بأماكن التصدعات لدراستها، تتسم بالصعوبة والكلفة الشديدة”، يؤكد ذات المصدر.
وكشف الموقع الدولي أن “هناك بعض الجهات تعتمد على إشارات تمهيدية معينة، قد تشير إلى وقوع زلزال في أي منطقة في العالم، ومنها تغييرات بيئية تسبق حدوث الزلازل، مثل التغيرات في النشاط الكهرومغناطيسي، وزيادة تركيزات غاز “الرادون” في المناطق المعرضة للزلازل، والتغيرات الجيوكيميائية في المياه الجوفية، والتشوهات الأرضية القابلة للقياس”.
إلا أن هذه المؤشرات تبقى غير كافية، غير حاسمة وغير دقيقة، للتنبؤ بحدوث زلزال من عدمه.
3-تنبؤات العالم الهولندي
اعتاد الرأي العام الدولي خروج عالم الزلازل الهولندي فرانك هوغربيتس بين الفنية والأخرى، للتحذير من وقوع زلزال ما في مكان ما من الأرض.
ولا يقف العالم الهولندي عند هذا الحد، بل إنه يحدد أيضا توقعات خاصة بدرجة قوة الزلزال، وكذا الحيز الزمني لوقوعه.
ويتنبأ العالم الهولندي أيضا بالهزات الارتدادية التي تعقب الزلزال وقوتها وتأثيرها، ما لا تستطيعه مراكز دولية ومحلية تشتغل على ظاهرة الزلازل.
ويعتمد ذات العالم في تنبؤاته على حركة الكواكب والعلاقة بينها، فقد تنبأ في وقت سابق أنه “يمكن أن يؤدي اقتران المريخ وعطارد والمشتري في 22 شتنبر إلى هزة قوية في في 23 أو 24 شتنبر”.
وتلقى تنبؤات العالم الهولندي انتقادات واسعة من طرف عدد من المختصين في رصد ودراسة الزلازل، حتى أن بعضهم يعتبرها مجرد تكهنات لا تقوم على أساس علمي.
4- حدود العلم بالزلازل
تقتضي حدود علم الإنسان بالزلازل تواضع هذا الأخير، والوقوف عند حدود التفسير العلمي دون تجاوزها إلا بالكشف عن مساحات جديدة للتفسير.
وفيما يتواضع علماء الاختصاص مكتفين بالبحث حسب المتاح لهم، وحسب قواعد تخصصهم؛ يخرج آخرون لا اختصاص لهم لنقد نصوص في الدين بحجة العلم وقد غابت عنهم حدوده.
من يعرف الحدود يكون أقرب للإيمان لأنه يجد عجزه ويضع يده على ضعفه؛ أما من يسبح في فكر مثالي لا تحده حدود العلوم الدقيقة والمعارف الحديثة، فإنه لا يجد حدودا في الإيمان، يبحث عن مطلقه في الأرض ناسيا مطلق السماء!