أين الحياء من الله يا أمة الإسلام ؟ محمد أبو الفتح

لست أدري ما أقول، فإنه ربما يعجز اللسان عن البيان من هول الصدمة، وربما يثقل القلم عن مطاوعة البنان من شدة الحيرة، وذلك بسبب ما آل إليه حال أمتنا الإسلامية في هذا الزمان.

أليست أمتُنا الأمة التي ألبسها الله تعالى وسام الخيرية، فقال: “كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ”؟! (آل عمران).
أليست أمتُنا أكرمُ الأمم على الله تعالى، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ألا إنكم توفون سبعين أمة، أنتم خيرها وأكرمها على الله عز وجل”؟! (صحيح الجامع 2301).
أليست أمتنا هي أمة الحياء التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن لكل دين خلقا، وإن خلق الإسلام الحياء”؟! (صحيح الجامع:2149).
فأين الحياء منا، وأين نحن من الحياء؟
أليس الحياء شعبة من شعب الإيمان؟! كما قال صلى الله عليه وسلم: “الحياء شعبة من الإيمان” (صحيح الجامع: 2800).
أليس الحياء والإيمان قرينان؟! كما قال صلى الله عليه وسلم: “إن الحياء والإيمان قرنا جميعا، فإذا رفع أحدهما رفع الآخر (صحيح الجامع 2483).
أليس الحياء كله خير؟! بلى! قال صلى الله عليه وسلم: “الحياء خير كله”(صحيح الجامع5507)، فالحياء يُثْنِي العاصي عن معصية ربه، ويَكُفُّ البخيل عن البخل، وينهى الجبان عن الجبن، ويدفع الكاذب عن الكذب.. ويَرُد صاحبَ كل خلق ذميم عن خلقه.
أليس الحياء في الجنة؟! فلماذا نختار الجفاء، والجفاء في النار؟ قال صلى الله عليه وسلم: “الحياء من الإيمان، والإيمان في الجنة، والبذاء من الجفاء، والجفاء في النار” (صحيح الجامع5510).
أليس الله أولى أن نستحي منه؟! فلماذا نستحي من بعضنا، وننسى ربنا؟ وقد قال صلى الله عليه وسلم: “الله أحق أن يستحيا منه من الناس” (صحيح الجامع203).
أين الحياء من الله في بلاد المسلمين؟! أين الحياء في رجال ونساء المسلمين؟! وأين الحياء في أبناء وبنات المسلمين؟!
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “استحيوا من الله حق الحياء”، قال: قلنا: يا نبي الله إنا لنستحيي والحمد لله، قال: ليس ذلك، ولكن الاستحياء من الله حق الحياء، أن تحفظ الرأس وما وعى، وتحفظ البطن وما حوى، وتذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا، فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء” (صحيح الجامع 937).
قال المناوي: “(فليحفظ الرأس)، أي: رأسه، (وما وعى): ما جمعه من الحواس الظاهرة والباطنة، حتى لا يستعملها إلا فيما يحل. (وليحفظ البطن وما حوى)، أي: وما جمعه، باتصاله مع القلب والفرج واليدين والرجلين، فإن هذه الأعضاء متصلة بالجوف، فلا يستعمل منها شيئا في معصية الله، فإن الله ناظرٌ في الأحوال كلها إلى العبد، لا يوازيه شيء، وعَبَّر في الأول بـ(وعى)، وفي الثاني بـ(حوى) للتفنن”.
فالحياء من الله يستدعي الانقياد لأمره ونهيه، فهو خالقنا، ورازقنا، يؤوينا في ملكه، ويطعمنا من رزقه، ويسقينا من مائه، أرضه تُقِلُّنا، وسماؤه تُضِلُّنا، أفلا يكون من حقه علينا أن نطيعه إذا أمر، وأن ننتهي عما نهى عنه وزجر؟!
أليس من الجفاء مع الله أن نعصاه في ملكه، على مَرْأًى منه ومَسْمَع؟! أم إن الأمر كما قال تعالى: “إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ” (إبراهيم:34)، أو كما قال في الآية الأخرى: “قُتِلَ الْإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ” (عبس:17).
أفلا نستحي من الله؟! وقد قال في الثناء على هذه الأمة ما قال؟! فما هذه المعاصي التي نبارزه بها؟!: شرك في المواسم، إعراض عن سنة أبي القاسم (صلى الله عليه وسلم)، عُري فاضح يندى له الجبين، خمور تُباع نهارا، زنى يُستحل جهارا..
أما آن لنا أن نستحي من الملِك الديان، إنْ كان في قلوبنا بقية من إيمان؟!
أم إن الله غافل لا يَرى، فليعص الله من أراد أن يَعصى؟! كلا!! والله، بل الأمر كما قال تعالى: “وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ، مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء” (إبراهيم 42-43).

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *