استوصوا بالنساء.. فإن المرأة خلقت من ضلع

من المعلوم أن المرأة قد اختصها الله تعالى ببعض الصفات الخَلقية والخُلقية عن الرجل، كما قال تبارك وتعالى: (وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى) آل عمران36، ولذا كانت هناك أحكام خاصة بالمرأة مثل سقوط وجوب الصلاة والصوم حال الحيض والنفاس مع وجوب قضاء الصيام، دون الصلاة، بعد الطهر، وعدم وجوب الجهاد، وكذا عدم وجوب النفقة على زوجها.
ومنع الشرع من إعطائها الولاية على الرجال، وجعل شهادتها على النصف من شهادة الرجل، كل هذا وغيره من لدن حكيم خبير الذي قال: (أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) الأعراف54.
ومن هذه الخصائص والصفات التي جعلها الله في المرأة دون الرجل أنها خلقت من ضِلَعٍ.
وقد ثبت هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم كما عند البخاري في صحيحه (3331) ومسلم في صحيحه (1468) من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ، فَإِنَّ المَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلاَهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ”.
ولفظ مسلم: “إِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ لَنْ تَسْتَقِيمَ لَكَ عَلَى طَرِيقَةٍ، فَإِنِ اسْتَمْتَعْتَ بِهَا اسْتَمْتَعْتَ بِهَا وَبِهَا عِوَجٌ، وَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهَا، كَسَرْتَهَا وَكَسْرُهَا طَلَاقُهَا”.
وقد اختلف أهل العلم في معنى (خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ): هل هو مِنْ أَضْلَاعِ آدَمَ أَوْ مِنْ عِوَجٍ؟
وعلى كل؛ فالمعنى أن في المرأة اعوجاجا في الطبع والخُلق، ونقصا في العقل، كالغيرة الشديدة والعاطفة الجياشة، فينبغي على الرجل الرفق بها، وأن يعاملها بمقتضى هذا النقص.
قال القاضي عياض في “إكمال المعلم” (4/680) وقوله: “استوصوا بالنساء خيرًا، فإن المرأة خلقت من ضلع أعوج”، الحديث: فيه الحض على الرفق بهن، ومداراتهن، وألا يتقصّى عليهن في أخلاقهن، وانحراف طباعهن، لقوله: “إن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته استمتعت به”. انتهى.
وقال ابن علان في “دليل الفالحين” (3/97): (خلقت من ضلع لن تستقيم لك) أي: تدوم (على طريقة) ترضاها، والجملة مستأنفة استئنافاً بيانياً كأن سائلاً يقول: ماذا ينشأ من كونها خلقت من ذلك؟ فقال: لن تستقيم (فإن استمتعت بها استمتعت بها وفيها عوج، وإن ذهبت تقيمها) إقامة تامة مرضية لك (كسرتها) لأنه خلاف شأنها” انتهى.
وهذا النقص والعوج في غاية المناسبة لخلقتها، ولكونها سكنا لزوجها، وحاضنة لأطفالها، قال ابن هبيرة في “الإفصاح عن معاني الصحاح” (7/160): “وقوله: (أعوج ما في الضلع أعلاه)، يعني به -صلى الله عليه وسلم- فيما أراه أن حنوها الذي يبدو منها؛ إنما هو عن عوج خلق فيها، وهو أعلا ما فيها من حيث الرفعة على ذلك، فإن أعلا ما فيها الحنو، وذلك الحنو فيه عوج” انتهى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *