أسباب الأزمة
تقول صحيفة “وول ستريت جورنال” في تقرير نشرته عن الأزمة المالية التي تجتاح العالم الآن والتي لا تزال تداعياتها مستمرة، لقد استطاع مسؤولو مجلس الاحتياطي الفدرالي ووزارة الخزانة الأمريكية من تشخيص المرض الذي يسمى بمرض التخلص من الديون فخلال فترة الازدهار الائتماني، عمدت المؤسسات المالية الأمريكية والأسر في الولايات المتحدة إلى تحمل أعباء كبيرة من الديون (الربوية). فعلى سبيل المثال، وخلال الفترة الواقعة بين عامي 2002 و2006، نمت ديون الأسر بمعدل سنوي بلغ 11%، كما نمى اقتراض المؤسسات المالية بمعدل سنوي عند 10% ، أما الآن فإن العديد من هؤلاء المقترضين أصبحوا عاجزين عن تسديد ما بذمتهم من ديون، وهو ما يمثل مشكلة فاقمها انهيار أسعار المساكن؛ إذ صار من الصعب تقدير قيم العديد من الأصول المتعثرة في وقت لا يوجد فيه سوى قلة قليلة جدا من المشترين، كما أن ظاهرة التخلص من الديون تغذي نفسها بنفسها بطريقة يمكن من خلالها أن تخلق اتجاها هبوطيا حلزونيا؛ إذ إن السعي إلى بيع الأصول يدفع بحد ذاته إلى هبوط أسعار تلك الأصول، الأمر الذي يجعل من الصعب على المؤسسات الراغبة ببيع أصولها تحقيق ما تبتغيه من عملية البيع مما يقود بتلك المؤسسات إلى السعي لبيع أصول أكثر. وهذا، بدوره، يؤدي إلى فرض ضغوط إضافية على أسعار أسهم الشركات والمؤسسات، ويجعل من الصعب عليها بيع أسهم جديدة من أجل الحصول على الأموال.
ويشير الببلاوي مستشار صندوق النقد العربي إلى جانبين هامين في عمل الأسواق المالية في الوقت الراهن ساهما في زيادة حجم المشكلة: الأول هو عمليات “التوريق”، والتي تعني قيام البنوك ببيع القروض بثمن منخفض، لتأخذ مقابلها أوراق مالية تحصل بها على قروض جديدة. أما الجانب الثاني فهو ارتباط كثير من المعاملات بالمستقبل، مثل أن يقوم مستثمر ببيع سلعة غير موجودة حاليا، ولكن ستوجد الشهر القادم اعتمادا على ان سعرها سينخفض وسيجني أرباحا من ذلك. ويوضح الببلاوي ان المعاملات المستقبلية تقوم على الثقة فيما سيحمله هذا المستقبل، وبالتالي فإن فيها مخاطرة عالية، وبالتالي إذا تراجعت الثقة تراجعت المعاملات بسرعة.
المخالفات الشرعية التي تسببت في الأزمة
يظهر جليا مما سبق نقله عن أهل الاختصاص أن الأزمة المالية ترجع إلى معاملات مخالفة لشرع الله الحكيم وهي:
1. القروض الربوية: قال الله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ” البقرة278، وقال عز وجل: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافاً مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ” آل عمران130.
2. بيع القروض: وهو ربا أيضا، يشتمل على ربا الفضل وربا النسيئة، كما بين ذلك العلماء.
3. بيع السلع قبل تملكها وحيازتها(وهي التي يعبرون عنها بالسلع أو الصفقات الوهمية): عن حكيم بن حزام قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يأتيني الرجل يسألني من البيع ما ليس عندي أبتاع له من السوق ثم أبيعه ؟ قال: لا تبع ما ليس عندك. (أخرجه الخمسة وصححه الألباني).
4. المعاملات التي فيها غرر ومقامرة (مما جعل بعض الخبراء الغربيين يشبه البورصة بالكازينو): عن أبي هريرة قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الحصاة وعن بيع الغرر (أخرجه مسلم). ومعنى الغرر الخطر والغرور والخداع، والنهي عن بيع الغرر أصل عظيم من أصول البيوع في الإسلام ويدخل فيه مسائل كثيرة غير منحصرة كبيع المعدوم والمجهول وما لا يقدر على تسليمه.
فيا لله العجب!!! غربيون يرون الحل في النظام الإسلامي، ومسلمون يلهثون وراء النظام الغربي الرأسمالي، بل ويمانعون من إقامة بنوك إسلامية في بلاد الإسلام، فلا حول ولا قوة إلا بالله.