الله تعالى هو الرزاق، وهو سبحانه قد قدَّر للرزق أسباباً، ومن اختلت عقيدته: جعل الأسباب بمنزلة مسببها وموجدها، والإسلام ليس فيه اعتماد المسلم على الأسباب مع غض الطرف عن مسببها، وليس فيه قطع الأسباب والتخلي عنها .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: “ومما ينبغي أن يعلم: ما قاله طائفة من العلماء، قالوا: “الالتفات إلى الأسباب: شرك في التوحيد، ومحو الأسباب أن تكون أسباباً: نقص في العقل، والإعراض عن الأسباب بالكلية: قدح في الشرع، وإنما التوكل، والرجاء: معنى يتألف من موجب التوحيد، والعقل، والشرع”.
وبيان ذلك: أن الالتفات إلى السبب هو اعتماد القلب عليه، ورجاؤه، والاستناد إليه، وليس في المخلوقات ما يستحق هذا؛ لأنه ليس مستقلاًّ، ولا بد له من شركاء، وأضداد، ومع هذا كله: فإن لم يسخِّره مسبِّب الأسباب: لم يسخَّر، وهذا مما يبين أن الله رب كل شيء، ومليكه، وأن السموات، والأرض، وما بينهما، والأفلاك، وما حوته: لها خالق، مدبِّر، غيرها ” انتهى .مجموع الفتاوى 8/169.
وقال -رحمه الله-:” فعلى العبد أن يكون قلبه معتمداً على الله، لا على سببٍ من الأسباب، والله ييسر له من الأسباب ما يصلحه في الدنيا والآخرة، فإن كانت الأسباب مقدورة له، وهو مأمور بها: فَعَلَها، مع التوكل على الله، كما يؤدي الفرائض، وكما يجاهد العدو، ويحمل السلاح، ويلبس جُنَّة الحرب، ولا يكتفي في دفع العدو على مجرد توكله بدون أن يفعل ما أُمر به من الجهاد، ومَن ترك الأسباب المأمور بها: فهو عاجز، مفرط، مذموم” “مجموع الفتاوى 8/528-529.