السنة والمجتمع وقفات تربوية ومنهجية مع أحاديث من الموطأ فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا!! محمد زغير

مالك عن سلمة بن صفوان عن زيد بن طلحة بن ركانة يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لكل دين خلق، وخلق الإسلام الحياء” رواه مالك مرسلا وإسناده حسن، والحديث صحيح لغيره بشواهده وطرقه (انظر السلسلة الصحيحة 940).

قال النووي في رياض الصالحين: “قال العلماء: حقيقة الحياء خلق يبعث على ترك القبيح، ويمنع من التقصير في حق ذي الحق”.
الحياء إذن خلق جليل من أخلاق ديانتنا السمحة، وموروث نبوي أصيل، يسعى الحداثيون إلى تجاوزه هو الآخر تحت اسم (تعرية المسكوت عنه)، وما المسكوت عنه إلا ما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسكوت عنه صيانة لمروءتنا، والارتقاء بالمستوى الإنساني عن المستوى البهيمي.
طابوهات الجنس -كما يسميها الحداثيون- لا تعدو أن تكون مظهرا من مظاهر الغريزة الإنسانية كالنوم والأكل والشرب.. إلخ، مما يشترك فيه الجنس البشري مع غيره من مخلوقات الله، فهل يعقل أن نطيل الكلام والتحليلات الفجة في أي من هذه الغرائز؟!
ولكن “أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً، أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً” الفرقان.
وقد نبه ابن القيم رحمه الله تعالى في مفتاح دار السعادة على هذا الأمر قائلا: “ثم تأمل هذا الخلق الذي خص به الإنسان دون جميع الحيوان، وهو خلق الحياء ، الذي هو من أفضل الأخلاق، وأجلها وأعظمها قدرا، وأكثرها نفعا، بل هو خاصة الإنسانية، فمن لا حياء فيه ليس معه من الإنسانية إلا اللحم والدم وصورتهما الظاهرة! كما أنه ليس معه من الخير شيء..”.
ومن صور ذلك ما نراه الآن في شوارعنا وحدائقنا العمومية، أو ما يسمى بالفضاءات العامة، من ذئاب بشرية يتلصصون القبلات والمعانقات، بل إذا أرخى الظلام أستاره فحدث ولا حرج، وترى فتياتنا في أيديهم كالنعاج التي ليس لها راع، مستسلمات خاضعات لقناعات العصر..!
مناظر تأسف لها قلوب الغيورين عل بلدنا، ولكنها تثلج صدور آخرين، مع العلم أن القانون واضح في هذا الباب، ويكفي أن نفتح الفصل 483 من القانون الجنائي، فرع انتهاك الآداب، لنقرأ فيه أن الإخلال علنيا بالحياء، وذلك بالعري المتعمد أو بالبذاءة بالإشارات أو الأفعال يعاقب عليه، وخصوصا إن كان في مكان قد يتطلع إليه أنظار العموم، نعم يا حماة القانون! نعم يا حماة القانون!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *