شرح الدرر اللوامع في قراءة الإمام نافع الشيخ محمد برعيش الصفريوي

هذا أوان الشروع في المقصود:
قال الناظم رحمه الله:
الحمــد للـه الــذي أورثنــــــا *** كتــابــه وعلمـه علمنــــا
حمـدا يــدوم بــــدوام الأبـــــد *** ثـم صلاتـــه علــى محمــد
ابتدأ المصنف (رحمه الله) بالحمد تأسيا بكتاب الله تعالى لأنه مبتدأ بالحمد.
قوله (لله) اللام للاستحقاق أي أنه المستحق للحمد والمستوجب له
ومعنى (الله): المعبود أو المستحق للعبادة.
قوله (الذي أورثنا) أي أعطانا اقتباس من قوله تعالى ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا
قوله: (كتابه) أي كتاب الله والإضافة فيه للتشريف باعتباره مكتوبا لتناوله الورق والمداد ،وباعتباره قرآنا فالإضافة إضافة صفة إلى الموصوف إذ القرآن كلام الله وكلامه صفة له فالله عز وجل متكلم ويتكلم متى شاء كما يليق بجلاله
قوله: ( وعلمه علمنا ) أي علمنا علم القرآن وهو من المفرد المضاف فهو يعم جميع العلوم المتعلقة بالقرآن وهي كثيرة منها
علم التجويد وعلم الرسم والضبط وعلم القراءات وعلم التفسير وعلم الإعراب وعلم بلاغة القرآن وعلم الغريب وعلم المناسبات وغير ذلك ويحتمل أن يعود الضمير فيه على الله أي علمنا العلوم ويصدق ذلك على كل علم نافع. وفي مطلع النظم براعة استهلال وهو الإشعار بالمقصود قبل الدخول فيه.
قوله: (حمدا) مصدر مؤكد والمعنى أحمده حمدا مستمرا لا انقطاع له. وكرر الحمد تلذذا.
قوله: (يدوم بدوام الأبد) أي يبقى ببقاء الزمن فالدوام هو البقاء، والأبد هو الزمان المستقبل الذي لا نهاية له.
قوله: (ثم صلاته على محمد) أي صلاة الله على محمد وصلاة الله عليه ثناؤه عليه في الملإ الأعلى كما قال أبو العالية الرياحي فلفظه لفظ الخبر ومعناه إنشاء الدعاء والطلب فكأنه يقول اللهم صل على محمد.
والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فرض عيني على كل مسلم مرة في العمر وبعد ذلك فهي سنة مؤكدة كلما سمع ذكره ولا يتركها إلا من لا خير فيه.
وذهب اللخمي من المالكية والحليمي من الشافعية والطحاوي من الحنفية وابن بطة من الحنابلة إلى وجوبها كلما ذكر اسم النبي صلى الله عليه وسلم.
وقيل مرة في المجلس الذي يجري فيه ذكره. هذا خارج الصلاة وأما في الصلاة ففيها خلاف وتفصيل بين التشهد الأول والثاني والراجح وجوبها لحديث “قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك قال قولوا اللهم صل على محمد”.. الحديث والأمر للوجوب والمقام لا يسمح بالتفصيل أكثر فليرجع إلى الكتب الفقهية.
وفضائل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لا تحصى وقد صنفت في ذلك مصنفات.
قوله (على محمد) محمد علم على النبي صلى الله عليه وسلم سماه به جده إلهاما من الله عز وجل وهو اسم عربي على وزن مفعل من أوزان المبالغة، والتضعيف فيه للتكثير، قيل إنما سمي بذلك لأجل التفاؤل لكي يكثر حمده لله تعالى، ولكي يكثر حمد الناس له أي مدحهم إياه، ورحم الله القائل.
واشتق له من اسمه ليجله *** فذو العرش محمود وهذا محمد.
إلى هنا انتهت حلقة هذا العدد والله تعالى أعلى وأعلم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *