من الآفات المتفشية في مجتمعاتنا بذاءة اللسان, والتفحش في الأقوال مما ينبؤ عن دنو في الاخلاق وعن دناءة في النفس.
أثِر عن أحد السلف أنه قال للناس: “ألا أنبؤكم بأدوء الداء, قالوا: بلى, قال: اللسان البذي والخلق الدني”.
والذي تخلق بالأخلاق الرفيعة ينزه لسانه عن الفحش, ويطهره من البذاءة, حريص على كلماته حافظ لمنطقه حتى لا تتفلت منه لفظة غير عابئ بموقعها ولا آثاراها.
والتفحش في القول والبذاء في اللسان قد تأتي بمعنى السب والشتم.
وقد تأتي بمعنى التعدي في القول والجواب، وكل ذلك منهي عنه شرعا, بل ورد النهي عن ذلك تجاه الحيوان فكيف الحال بالتفحش مع الإنسان.
قال عليه الصلاة والسلام: “لا تسبوا الديك فإنه يوقظ للصلاة” صحيح الجامع.
وقال النووي رحمه الله: “ومن الألفاظ المذمومة المستعملة في العدة قول الشخص لمن يخاصمه: “يا حمار”, “يا تيس”, “يا كلب”, ونحو ذلك, فهذا قبيح من وجهين: أحدهما أنه كذب, والآخر أنه إيذاء” الأذكار 314.
وشريف النفس وكريم الخلق لا يجاري أصحاب البذاءة والسفاهة في سفاهتهم ودنو أخلاقهم, بل يحفظ مروءته ويصون نفسه ولسانه.
وكما قيل: “احتمال السفيه خير من التحلي بصورته, والإغضاء عن الجاهل خير من مشاكلته” أدب الدنيا والدين.
قال الشاعر:
احفظ لسانك إن لقيت مشاتما *** لا تجرين مع اللئيم إذا جرى
من يشتري عرض اللئيم بعرضه *** يحو الندامة حين يعرض ما اشترى
وفي البخاري من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: “لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم فاحشا ولا متفحشا وكان يقول: إن من خياركم أحسنكم أخلاقا”.
قال ابن حزم رحمه الله: “من أراد خير الدنيا والآخرة وحكمة الدنيا, وعدل السيرة والاحتواء على محاسن الأخلاق كلها, واستحقاق الفضائل بأسرها, فليقتد بمحمد صلى الله عليه وسلم, وليستعمل أخلاقه وسيره ما أمكنه, أعاننا الله على الاتساء به بمنه آمين” مداوات النفوس 91.