كراهة السجود على اللباس في الصلاة إن كان لغير حاجة

اختلف العلماء في حكم السجود على اللباس كطرف الثوب أو الكمّ أو العمامة أو القلنسوة ونحو ذلك, ومحل الخلاف فيما إذا كان ذلك اللباس متصلا بالمصلي ويتحرك بحركته. (أنظر المجموع 3/423).
والراجح من ذلك: جواز السجود على اللباس من غير كراهة إن كان ذلك لحاجة كحر أو برد ونحوه, ومع الكراهة إن كان لغير حاجة وهو قول جماعة من السلف كعطاء, وطاووس, والنخعي, والشعبي في آخرين. (أنظر مصنف ا بن أبي شيبة 1/301-302, والأوسط 3/177-178, والمغني 2/197).
وهو مذهب المالكية رحمهم الله. (أنظر المدونة الكبرى 1/74, ومواهب الجليل 1/547, وجواهر الإكليل 1/53-54).
ومن الأدلة على ذلك ما جاء عن أنس رضي الله عنه قال: “كنا نصلي مع رسول الله صلى اله عليه وسلم في شدة الحر فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكن جبهته من الأرض بسط ثوبه فسجد عليه” (رواه البخاري ومسلم واللفظ له).
ووجه الدلالة منه: أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرّ الصحابة على السجود على طرف الثوب المتصل بلابسه عند اشتداد الحر, وهو مقتضى ظاهر الحديث مما يدل على جواز ذلك عند الحاجة بلا كراهة.
أما عند عدم الحاجة فمن هديه صلى الله عليه سلم مباشرة الأرض بالجبهة والأنف دون حائل من لباسه المتصل به.
فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: “رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد في الماء والطين حتى رأيت أثر الطين على جبهته” (متفق عليه).
وعن عبيد الله بن أنيس رضي الله عنه قال: “صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فانصرف وإن أثر الماء والطين على جبهته وأنفه” (رواه مسلم).
قال شيخ الإسلام رحمه الله: “لا ريب أن هذا – أي: مباشرة الجبهة والأنف للأرض- هو السنة عند الاختيار” (الفتاوي 22/170).
وقد وردت عدة آثار تدل لهذا المعنى عن عدد من الصحابة رضي الله عنهم منهم: علي بن أبي طالب, وعبادة بن الصامت, وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم. (أنظر مصنف ا بن أبي شيبة 1/300, والأوسط 3/179, والسنن الكبرى للبيهقي 2/105).
قال شيخ الإسلام رحمه الله: “فالأحاديث والآثار تدل على أنهم –أي الصحابة رضي الله عنهم- في حال الاختيار كانوا يباشرون الأرض بالجباه, وعند الحاجة كالحر ونحوه يتقون بما يتصل بهم من طرف ثوب وعمامة وقلنسوة, ولهذا كان أعدل الأقوال في هذه المسألة أنه يرخص في ذلك عند الحاجة ويكره السجود على العمامة ونحوها عند عدم الحاجة” (الفتاوي 22/172).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *